واعلم أنه متى كان المتوسط بين السبب والمعلول صالحا لإضافة المعلول إليه، يكون السبب حينئذ سببا حقيقيا، أي سببا محضا، بمعنى أنه لا مزية له سوى الإفضاء إلى حصوله – وعرفوه بأنه ما توسط بينه وبين الحكم علة، وذلك المتوسط هو العلة، وهذا هو المبحوث عنه في القاعدة. ومتى كان المتوسط غير صالح لذلك، فالحكم يضاف إلى السبب، ويكون حينئذ في معنى العلة، ومعرفة هذا الضابط ينفعك في كثير من الوقائع.
وصورة اجتماعهما ما ذكر في المادة: فإن ملقي الحيوان مباشر تلفه بالذات، وحافر البئر متسبب؛ لأن حفره أفضى إلى التلف، فالضمان على المباشر ......
وإذا انفرد السبب – وذلك فيما لو كان الحائل المتوسط بينه وبين الحكم، أعني المعلول، غير صالح لإضافة الحكم إليه – يكون في معنى العلة المؤثرة، فيضاف الحكم إليه، ويكون المتسبب ضامنا – كسوق الدابة، فإنه غير موضوع للتلف، ولا هو مؤثر فيه، بل طريق للوصول إليه، والعلة للتلف التوسط بينه وبين السوق، وهو وطء الدابة إنسانا أو مالا بقوائمها وثقلها، ولكن لما لم يكن هذا المتوسط فعل فاعل مختار أضيف الحكم إلى السبب، وهو السوق الواقع من السائق، فكأنه دافع للدابة على ما وطئت عليه، فيضمن، لأنه سبب فيه معنى العلة".