للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينت المادة التسعون حكم ما إذا اجتمع المباشر والمتسبب، فتنص على أنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر، ومثاله: لو حفر رجل بئرا في الطريق العام، فألقى أحد حيوان شخص في ذلك البئر، ضمن الذي ألقى الحيوان ولا شيء على حافر البئر؛ لأن حفر البئر بحد ذاته لا يستوجب تلف الحيوان لو لم ينضم إليه فعل المباشر – وهو إلقاء الحيوان في البئر – لما تلف بحفر البئر فقط (١) .

وهذه القواعد يتفق عليها فقهاء المذاهب، يقول ابن عبد السلام في قواعده: يجب الضمان بأربعة أشياء: اليد والمباشرة والتسبب والشرط (٢) .

ويقول السيوطي في قاعدة: إذا اجتمع السبب أو الغرر والمباشرة قدمت المباشرة (٣) ، ويسوق أمثلة كالأمثلة التي ذكرناها.

ويذكر صاحب الفروق في المالكية في الفرق السابع عشر بعد المئتين: أسباب الضمان ثلاثة: أحدهما التفويت مباشرة، وثانيها: التسبب للإتلاف، وثالثها: وضع اليد غير المؤتمنة (٤) .

وفي قواعد ابن رجب: إذا استند إتلاف أموال الآدميين إلى مباشرة وسبب تعلق الضمان بالمباشرة دون السبب؛ إلا إذا كانت المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه.. ثم إن كانت المباشرة والحالة هذه لا بد وأن فيها بالكلية استقل السبب وحده بالضمان. وإن كان فيها عدوان شاركت السبب الضمان، ويضرب جملة من الأمثلة لذلك منها: إذا حفر واحد بئرا عدوانا، ثم دفع غيره فيها آدميا معصوما أو مالا لمعصوم، فسقط فتلف، فالضمان على الدافع وحده. ومنها: لو رمى معصوما من شاهق فتلقاه آخر بسيف فقتله به، فالفاعل هو الثاني دون الأول (٥) .

الركن الثاني – الضرر:

يعرف القانونيون الضرر بأنه: الأذى الذي يصيب الشخص في حق من حقوقه أو في مصلحة مشروعة له؛ سواء كان ذلك الحق أو تلك المصلحة متعلقة بسلامة جسمه أو عاطفته أو بماله أو حريته أو شرفه واعتباره أو غير ذلك؛ فهو شرط ضروري لقيام المسؤولية التقصيرية وإمكان المطالبة بالتعويض،لأن التعويض لا يكون إلا عن ضرر أصاب طالبه، ولأن مدعى المسؤولية لا تكون له مصلحة في الدعوى إلا إذا كان قد أصابه ضرر يطالب بتعويضه (٦) .


(١) درر الأحكام شرح مجلة الأحكام: ١٢ / ٨٣
(٢) قواعد الأحكام: ٢ / ١٥٥
(٣) الأشباه والنظائر: ص ١٦٢
(٤) الفروق للقرافي: ٤ / ٢٧
(٥) القواعد لابن رجب، القاعدة السابعة والعشرون بعد المائة
(٦) الوسيط: ١ / ٣١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>