للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرت المجلة في المادة الثانية والتسعين حكم المباشر فقالت: المباشر ضامن وإن لم يتعمد، ويقول الأتاسي في شرحه لها: لأن المباشرة علة للتلف اسما لإضافة الحكم إليها لأنها مؤثرة فيه، وحكما لعدم تراخي الحكم عنها، فيضمن وإن كان مخطئا؛ سواء كان الخطأ في نفس الفعل، نحو أن يقصد صيدا فأصاب شاة لإنسان، أو في ظن الفاعل، نحو أن يظن الشاة حجرا فأصابها بسهمه، أو لم يكن هذا ولا هذا، كما لو انقلب وهو نائم على مال فأتلفه، قال: وإن لم يتعمد لأنه مع التعمد من باب أولى وعليه الإثم وبدونه ضمان ولا إثم (١) .

كما بينت المادة ٩٣ حكم المتسبب فنصت على أن المتسبب لا يضمن إلا إذا كان متعمدا أو متعديًا، ويتحقق التعمد أو التعدي إذا كان يعلم أن فعله سيؤدي إلى الضرر الذي وقع، فجعل العلم دليلا على التعمد قائما مكانه (٢) .

ويقول صاحب درر الحكام: "ويشترط في ضمان المتسبب شيئان:

١- أن يكون متعمدا.

٢- أن يكون معتديًا" (٣) .

ويقول الأتاسي موضحا معنى المتسبب: المتسبب ما كان فعله مفضيا إلى الحكم كالتلف مثلا من غير تأثير، وإنما المؤثر هو العلة المتوسطة، لكن تلك العلة قد لا يصح إضافة الحكم إليها، فيضاف إلى السبب، فعند ذلك ينظر: إن كان نحو التلف حاصلا عن فعل المتسبب بغير حق، كحفر البئر في الطريق العام أو في ملك الغير يضمن ما تلف فيه وإن لم يتعمد؛ لأنه متعمد بنفس الفعل. وإن حصل عن فعل مباح له في ذاته إلا أنه تعمد بقصد إيجاد العلة المؤثرة التي حصل منها التلف، ولا تصلح لإضافة الحكم إليها، يقال: متسبب متعمد فيضمن، ويضرب مثلا لذلك: لو حفر أحد في الطريق العام بئرا بلا إذن ولي الأمر ووقعت فيها دابة لآخر تلف، يضمن، وأما لو وقعت الدابة في بئر كان قد حفرها في ملكه وتلفت لا يضمن؛ أي لزم الضمان لحفر البئر بغير حق، وعدمه لحفرها بحق، وهو التصرف في ملكه؛ كذلك لو هدم بيته بنفسه فانهدم به بيت جاره، لا يضمن؛ لأنه غير متعد.


(١) شرح المجلة للأستاذ خالد الأتاسي: ١ / ٢٥٥
(٢) شرح الأتاسي: ١ / ٢٥٧
(٣) درر الأحكام شرح مجلة الأحكام: ١٢ / ٨٣

<<  <  ج: ص:  >  >>