المذهب الثاني: يعطي كفاية سنة وقال المالكية وجمهور الحنابلة وآخرون من الفقهاء: فيعطى الفقير والمسكين من الزكاة ما تتم به الكفاية لنفسه ولمن يعوله سنة كاملة ولم ير أصحاب هذا المذهب ضرورة لإعطائه كفاية العمر الغالب كما لم يروا أن يعطى أقل من كفاية سنة وإنما حددوا الكفاية بسنة لأنها في العادة أوسط ما يطلبه الفرد من ضمان العيش له ولأهله قوت سنة ولأن أموال الزكاة في غالبها حولية وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم ادخر لأهله قوت سنة فلا داعي لإعطاء كفاية العمر وفي كل عام تأتي حصيلة جديدة من موارد الزكاة ينفق منها على المستحقين.
ويري القائلون بهذا المذهب أن كفاية السنة ليس لها حد معلوم لا تتعداه من الدراهم أو الدنانير بل يصرف للمستحق كفاية سنة بالغة ما بلغت فإذا كانت كفاية السنة لاتتم إلا بإعطاء الفقير الواحد أكثر من نصاب من نقد أو حرث أو ماشية أعطي من الزكاة ذلك القدر وإن صار به غنيا لأنه كان فقيرا مستحقا حين الدفع إليه.
ويقول الدكتور يوسف القرضاوي في ترجيح أحد المذهبين: والذي اختاره أن لكل من المذهبين مجاله الذي يعمل به فيه ذلك أن الفقراء والمساكين نوعان:
نوع يستطيع أن يعمل ويكسب ويكفي نفسه بنفسه كالصانع والتاجر والزارع ولكن ينقصه أدوات الصنعة أو رأس مال التجارة أو الضيعة وآلات الحرث والسقي فالواجب في مثل هذا أن يعطى من الزكاة ما يمكنه من اكتساب كفاية العمر وعدم الاحتياج إلى الزكاة مرة أخرى بشراء ما يلزمه لمزاولة حرفته وتملكه إياه استقلالا أو اشتراكا على قدر ما تسمح حصيلة الزكاة والنوع الآخر عاجز عن الكسب كالزمن والأعمى والشيخ الهرم والأرملة والطفل ونحوهم فهؤلاء لا بأس أن يعطى الواحد منهم كفاية سنة أو يعطى راتبا دوريا يتقاضاه كل عام بل ينبغي أن يوزع على أشهر العام إن خيف من المستحق الإسراف وبعثرة المال في غير حاجة ماسة وهذا هو المتبع في عصرنا فالرواتب تعطى شهرا بشهر وكذلك المساعدات الدورية. اهـ من فقه الزكاة.