للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- في الفقه الشافعي:

من روضة الطالبين – للإمام النووي – المتوفى سنة (٦٧٦ هـ) ما يلي:

الطرف الرابع في اجتماع سببين متقاومين وفيه مسائل:

إحداهما: إذا اصطدم حران ماشيان، فوقعا وماتا، فكل واحد مات بفعله وفعل صاحبه، فهو شريك في القتلين، ففعله هدر في حق نفسه مضمون في حق صاحبه، فالصحيح أن في تركة كل واحد منهما كفارتين بناء على أن الكفارة لا تتجزأ، وأن قاتل نفسه عليه كفارة، وأما الدية، فتسقط نصف دية كل واحد، ويجب نصفها، ثم إن لم يقصدا الاصطدام بأن كانا أعميين، أو في ظلمة، أو في برين، أو غافلين، فهو خطأ محض، فعلى عاقلة كل واحد نصف دية الآخر. وإن تعمدا الاصطدام فوجهان أحدهما: أن الحاصل عمد محض، ويجب في مال كل واحد نصف دية الآخر؛ قاله أبو إسحاق، واختاره الإمام الغزالي وأصحهما عند الأكثرين وهو نصه في الأم: أن الحاصل شبه عمد لأن الغالب أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت، فلا يتحقق فيه العمد المحض، ولذلك لا يتعلق القصاص إذا مات أحدهما دون الآخر، فيجب على عاقلة كل واحد نصف دية الآخر مغلظة.

الثانية: إذا كان المصطدمان راكبين، فحكم الدية والكفارة كما ذكرنا، فلو تلفت الدابتان، ففي تركة كل واحد نصف قيمة دابة صاحبه، ولو غلبتهما الدابتان، فجرى الاصطدام والراكبان مغلوبان، فالمذهب أن المغلوب كغير المغلوب كما سبق، وفي قول أنكره جماعة أن هلاكهما وهلاك الدابتين هدر؛ إذ لا صنع لهما ولا اختيار، فصار كالهلاك بآفة سماوية، ويجري الخلاف فيما لو غلبت الدابة راكبها أو سائقها، وأتلف مالا هل يسقط الضمان عنه؟

<<  <  ج: ص:  >  >>