للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن اصطدم عبدان فماتا هدرت قيمتهما؛ لأن قيمة كل واحد منهما تعلقت برقبة الآخر فسقطت بتلفه، وإن مات أحدهما تعلقت قيمته برقبة الحي، فإن هلك قبل استيفاء القيمة سقطت لفوات محلها، وإن تصادم حر وعبد فماتا تعلقت دية الحر برقبة العبد ثم انتقلت إلى قيمة العبد، ووجبت قيمة العبد في تركة الحر فيتقاصان، فإن كانت دية الحر أكثر من قيمة العبد سقطت الزيادة – لأنها لا متعلق لها – وإن كانت قيمة العبد أكثر أخذ الفضل من تركة الجاني، وفي مال الحر عتق رقبة، ولا شيء على العبد لأن تكفيره بالصوم فيفوت بفواته، وإن مات العبد وحده فقيمته في ذمة الحر؛ لأن العاقلة لا تحمل العبد، وإن مات الحر وحده تعلقت ديته برقبة العبد وعليه صيام شهرين متتابعين، وإن مات العبد قبل استيفاء الدية سقطت، وإن قتله أجنبي فعليه قيمته، ويتحول ما كان متعلقا برقبته إلى قيمته لأنها بدله وقائمة مقامه وتستوفى ممن وجبت عليه.

مسألة: قال: (وإذا وقعت السفينة المنحدرة على الصاعدة فغرقتا، فعلى المنحدرة قيمة السفينة الصاعدة أو أرش ما نقصت إن أخرجت؛ إلا أن يكون قيم المنحدرة غلبته الريح فلم يقدر على ضبطها) وجملته أن السفينتين إذا اصطدمتا لم تخلوَا من حالين، أحدهما: أن تكونا متساويتين كاللتين في بحر أو ماء واقف، أو كانت إحداهما منحدرة والأخرى صاعدة فنبدأ بما إذا كانت إحداهما منحدرة والأخرى صاعدة؛ لأنها مسألة الكتاب ولا يخلوان من حالين:

أحدهما: أن يكون القيم بها مفرطا بأن يكون قادرا على ضبطها أو ردها عن الأخرى فلم يفعل، أو أمكنه أن يعدلها إلى ناحية أخرى فلم يفعل، أو لم يكمل آلتها من الحبال والرجال وغيرهما، فعلى المنحدرة ضمان الصاعدة؛ لأنها تنحط عليها من علو فيكون ذلك سببا لغرقها، فتنزل المنحدرة بمنزلة السائرة والصاعدة بمنزلة الواقف. وإن غرقتا جميعا فلا شيء على المصعد، وعلى المنحدر قيمة المصعد أو أرش ما نقصت إن لم تتلف كلها؛ إلا أن يكون التفريط من المصعد بأن يمكنه العدول بسفينته والمنحدر غير قادر ولا مفرط فيكون الضمان على المصعد لأنه المفرط، وإن لم يكن من واحد منهما تفريط، لكن هاجت ريح أو كان الماء شديد الجرية فلم يمكنه ضبطها فلا ضمان عليه لأنه لا يدخل في وسعه ضبطها، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

<<  <  ج: ص:  >  >>