للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: إذا صدمت سيارة سائرة واقفة في ملك صاحبها أو خارج طريق السيارات أو على جانب طريق واسع ضمن سائق السيارات ما تلف في الواقفة من نفس ومال بصدمته لأنه المتعدي، فإن انحرفت الواقفة فصادف ذلك الصدمة فالضمان بينهما على ما تقدم في تصادم سيارتين، وإن كانت واقفة في طريق ضيق غير مملوك لصاحبها فالضمان على صاحب الواقفة لتعديه بوقفه، ويحتمل أن يكون الضمان بينهما لتفريط كل منهما وتعديه، وإن صدمت سيارة نازلة من عقبة مثلا سيارة صاعدة فالضمان على سائق المنحدرة إلا إذا كان مغلوبا على أمره فلا ضمان عليه، أو كان سائق الصاعدة يمكنه العدول عن طريق النازلة فلم يفعل فالضمان بينهما. وإن أدركت سيارة سيارة أمامها فصدمتها ضمن سائق اللاحقة ما تلف من النفوس والأموال في سيارته والسيارة المصدومة، لأنه متعد بصدمه لما أمامه، والأمامية بمنزلة الواقفة بطريق واسع، إلا إذا حصل من سائق الأمامية فعل يعتبر سببا أيضا في الحادث، كأن يوقف سيارته فجأة أو يرجع بها إلى الخلف أو ينحرف بها إلى ممر اللاحق ليعترض طريقها، فالضمان بينهما على ما تقدم من الخلاف في حكم تصادم سيارتين.

ثالثا: وإذا وقف سائق سيارة بسيارته أمام إشارة المرور مثلا ينتظر فتح الطريق فصدمت سيارة مؤخرة سيارته صدمة دفعتها إلى الإمام، فصدمت بعض المشاة مثلا فمات أو أصيب بكسور؛ ضمن من صدمت سيارته مؤخرة السيارة الأخرى كل ما تلف من نفس ومال، لأنه متعد بصدمه، والسيارة الأمامية بمنزلة الآلة بالنسبة للخلفية فلا ضمان على سائقها لعدم تعديه.

هذا فيما يتعلق بالتصادم بين السيارتين أو أن تصدم سيارة أخرى، أما فيما يتعلق بحوادث دهس الأشخاص أو انقلاب السيارة أو سقوط شيء منها ونحوه فقد استنتجت اللجنة الأحكام الآتية:

أولا: إذا ساق إنسان سيارة في شارع عام ملتزما السرعة المقررة ومتبعا خط السير حسب النظام، فقفز رجل فجأة أمامه فصدمته السيارة ومات أو أصيب بجروح أو كسور، رغم قيام السائق بما وجب عليه من الفرملة ونحوها، أمكن أن يقال بتضمين السائق من مات بالصدم أو الكسر مثلا بناء على ما تقدم من تضمين الراكب أو القائد أو السائق ما وطئت الدابة بيديها، وقد يناقش بأن كبح الدابة وضبطها أيسر من ضبط السيارة، ويمكن أن يقال بضمان كل منهما ما تلف عند الآخر من نفس ومال بناء على ما تقدم عن الحنفية والمالكية والحنابلة ومن وافقهم في تضمين المتصادمين، ويمكن أن يقال بضمان السائق ما تلف من نصف الدية أو نصف الكسور لتفريطه بعدم احتياطه بالنظر لما أمامه من بعيد، وبضمان المصدوم نصف ذلك لاعتدائه بالمرور فجأة أمام السيارة دون الاحتياط لنفسه بناء على ما ذكره الشافعي وزفر وعثمان البتي ومن وافقهم في تضمين المتصادمين، ويحتمل أن يقال: إنه هدر. لانفرداه بالتعدي ولو قدر أنه اصطدم بجانب السيارة فمات أو كسر والسيارة على ما ذكر من الحال كان الضمان بينهما على ما تقدم من الاحتمالات.

<<  <  ج: ص:  >  >>