وحجة الإمام أحمد ما روي عنه بحديث أبي داود عن ابن عباس أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن امرأتي تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وأنها سألتني الحج معك فقالت: احججني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: ما عندي ما أحملك عليه قالت: احججني على جملك فلان فقلت ذلك حبيس في سبيل الله فقال أما إنك لو حججتها عليه كان في سبيل الله.
وأجاب الجمهور بأن الحج يسمى سبيل الله ولكن الآية محمولة على الغزو لما ذكرناه.
وفسر بعض الحنيفة سبيل الله بطلب العلم كما فسره في البدائع بجميع القرب فيدخل فيه جميع وجوه الخير مثل تكفين الموتى وبناء القناطر والحصون وعمارة المساجد.
وفي تفسير المنار يجوز الصرف من هذا السهم على تأمين طرق الحج وتوفير المياه والغذاء وأسباب الصحة للحجاج إن لم يوجد له صرف آخر وترى أنه قيد بهذا القيد " إن لم يوجد له صرف آخر ولم يجوز مطلقا بل للضرورة فقط وكذلك يصرف من هذا السهم على الاستعداد للحرب بشراء السلاح وأغذية الجند وأدوات النقل وتجهيز الغزاة ولكن الذي يجهز به الغازي يعود بعد الحرب إلى بيت المال إن كان مما يبقى كالسلاح والخيل وغير ذلك لأنه لا يملكه دائما بصفة الغزو التي قامت به بل يستعمله في سبيل الله ويبقى بعد زوال تلك الصفة منه في سبيل الله بخلاف الفقير والعامل والغارم والمؤلفة قلوبهم وابن السبيل فإنهم لا يردون ما أخذوا ويدخل عمومه إنشاء المستشفيات العسكرية لا التجارية والبواخر المدرعة والمناطد والطائرات الحربية والحصون والخنادق وإعداد الدعاة إلى الإسلام وإرسالهم في بلاد الكفر من قبل جمعيات منظمة تمدهم بالمال كما يفعله الكفار في نشر دينهم والمدارس الشرعية ومعلميها.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في أحكام القرآن قوله {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} قال مالك سبيل الله كثير ولكني لا أعلم خلافا في أن المراد بسبيل الله ههنا الغزو من جملة سبيل الله ... إلا ما يؤثر عن أحمد وإسحاق فإنهما قالا: إنه الحج. والذي يصح عندي من قولهما أن الحج من جملة السبيل مع الغزو لأنه طريق بر فأعطي منه باسم السبيل وما جاء قط بإعطاء الزكاة في الحج أثر فقد قال علماؤنا: ويعطى منها الفقير بغير خلاف لأنه قد سمي في الآية ويعطى الغني عند مالك بوصف سبيل الله وإن كان غنيا في بلده أو في موضعه الذي يأخذ به.