وفي كتاب تبيين الحقائق للزيلعي الحنفي شرح كتاب الدقاق مع حاشية الإمام الشلبي على هذا الشرح م١ ص ٢٩٨ ما نصه:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} منقطع الغزاة عند أبي يوسف أي الفقراء منهم وعند محمد منقطع الحجاج وهم الفقراء لما روي أن رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل عليه الحجاج قلنا: الطاعات كلها سبيل الله ولكن عند الإطلاق يفهم منه الغزاة ولا يصرف إلى غيرهم وإنما إفراده بالذكر مع دخوله في الفقراء والمساكين لزيادة حاجته وهو الفقر والانقطاع وفي الوبري هم الحجاج والغزاة المنقطعون عن أموالهم وليس معهم شيء وقال ابن المنذر في الإشراف قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد: {سَبِيلِ اللَّهِ} هو الغازي دون الحجاج وفي الغزنوي وفي سبيل الله منقطع الغزاة وعن محمد منقطع الحاج فهذا يدل على أن ذلك رواية محمد خلاف ما ذكر الجماعة ولهذا فالأصح عند الحنفية هو القول الأول.
وقال الشافعي والمالكية والحنفية في الرواية الأولي يصرف سهم سبيل الله المذكور في الآية الكريمة إلى الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان وهم الغزاة إذا نشطوا غزوا وانفرد أبو حنيفة باشتراط الفقر في المجاهد.
وقال أحمد رحمه الله في أصح الروايتين عنه يجوز صرفه إلى مريد الحج وروي مثله عن ابن عمر وفي كتاب المقنع من أشهر كتب الحنابلة في عد الأصناف ما نصه: السابع {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} وهم الغزاة الذين لا ديوان لهم ولا يعطى منها في الحج وعنه أن الإمام أحمد يعطى الفقير قدر ما يحج به الفرض.
وحجة الجمهور (الشافعية والمالكية والحنفية على أصح القولين عندهم) أن المفهوم المتبادر في معنى (سبيل الله) في الآية هو الغزو وكثيرا ما جاء في القرآن كذلك وأن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه يدل على ذلك وهو ما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تحل الصدقة لغني إلا خمسة: لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل اشتراها بماله أو لرجل جار مسكين فأهدى المسكين إليه فإنه ذكر في الحديث ممن تحل الصدقة الغازي وليس في الأصناف الثمانية من يعطى باسم الغزاة إلا الذين نعطيهم في سبيل الله.