للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- إذا لم يخالف السائق أيا من قوانين المرور ولكن صدم بعربته عربة أخرى أو إنسانا أو وطئت عربته إنسانا، وكان ذلك مما يمكن التحرز منه وإن لم تكن هناك مخالفة لقواعد المرور فإن الواجب هو دفع الدية إذا كانت النتيجة الضارة هي قتل شخص والأرش إن كانت دون ذلك (١) . وذهب كثير من الفقهاء أن الدية تتحملها العاقلة، أما إذا وقع الضرر على غير إنسان كتهشيم عربة أو مرفق فإن جبر الضرر يكون من مال السائق، وعلى السائق الكفارة في حالة القتل، وفي رأي يحرم من الميراث إذا كان المجني عليه مما يرثهم السائق.

٥- إذا أخطأ السائق في حوادث المرور خطأ سلبيا غير مباشر، كأن أوقف عربته في مكان غير معهود، فتدحرجت فأحدثت حادثا؛ فإن كان هذا التدحرج نتيجة عطب في فرامل العربة ولم يصلحها أو لم يثبت الفرامل بالطريقة المطلوبة في حالة الوقوف في مكان متدحرج، فقد استحسن كثير من الفقهاء دفع الدية أو الأرش أو جبر الضرر المادي غير البدني الناتج عن الحادث. والدية والأرش مما تتحمله العاقلة، وجبر ما عدا ذلك يكون في ماله.

٦- كلمة أخيرة: وهي أن الفقهاء عرفوا العاقلة بتعريفات مختلفة فقال بعضهم إنهم أهل ديوان الجاني أو حرفته وبالعدم عشيرته، وقال فريق: عاقلة الجاني هم عشيرته وقبيلته، وقال فريق: أن عاقلة الجاني هم عصبته، وقال فريق: إنها أهل حرفة الجاني وأهل مهنته (٢) .

وكما هو معلوم فإن مبدأ العاقلة يكون أساسا لشركات التأمين الإسلامية المعمول بها في عدد من البلدان الإسلامية. وهذه الشركات طالما أن المقصود منها التعاون والتعاضد عند الحاجة وأنها خالية من شبهة الربا أو المقامرة أو التكسب فإنها تكون حلالا مقبولا، بل مبدأ يحث عليه حتى تطمئن قلوب الناس، خاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه المركبات الخاصة والعامة وأصبحت على الأرض ومن فوقها وفي البحار، بل إن بعض البلدان لجأت إلى مبدأ التأمين الإجباري بأخذ مبلغ معين كل عام من كل مالك لعربة، وهو أيضا مبدأ مقبول وزيادة في التأمين والطمأنينة.

أما الكفارة فتكون بصيام شهرين متتابعين على السائق توبة من الله عليه، وهذا أمر متروك بينه وبين ربه عالم السر وأخفى. وكما هو معلوم فإن عتق النفس المؤمنة وهو المطلب القرآني الأول غير متيسر الآن.

والله ولي التوفيق

الدكتور محمد عطا السيد سيد أحمد


(١) حاشية العدوي على شرح أبي الحسن لرسالة ابن أبي زيد: ٢ / ٢٨٤، الجوهرة المنيرة: ٢ / ١٣٦
(٢) البحر الرائق: ٨ / ٤٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>