للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ضوء هذا التوجيه والإرشاد النبوي للفقير من ماله القليل يمكن من باب أولى الاستئناس بهذا التوجيه النبوى الشريف بترشيد مال الزكاة لمصلحة الفقير والمسكين فيما يعود عليهم بالنفع المستمر في شكل منشآت أو مشاريع تنشأ من مال الزكاة ويوزع ريعها على المستحقين، ولعل هذه القصة الواقعة وموحياتها التوجهيهة كانت في الماضي هي المستند والمؤشر للفقهاء القدامي في توظيف أموال الزكاة للفقراء والمساكين على المستوي الفردي فيما يعود عليه بالنفع.

وهذا ما يجعل قياس توظيف الأموال الزكوية في منشآت مشاريع تدر ريعا على المستحقين للزكاة في شكل جماعي أمرا موجها ومقبولا بإذن الله تعالى، من الوجهه الشرعية (١)

بعض الاعتراضات على الموضوع

هناك اعتراضات تثار حول توظيف أموال الزكاة في مشاريع ذات ريع لدى بعض الباحثين: منها أن في هذا الأمر خروجا على أصناف توزيع الزكاة المحصورة في ثمانية بنص القرآن.

والإجابة عن ذلك أن هذا التدبير لأموال الزكاة واضح النفع للمستحقين وهو تطبيق للزكاة داخل الأصناف المحددة، إنه لمصلحة الفقير والمسكين وليس خروجاً عليها.

ومنها أنه حينما توظف أموال الزكاة في مشاريع ثابتة لا تملك هذه المشاريع تملكا فرديا على الفقراء والمساكين وإنما تصبح ملكيتها لشخصية اعتبارية عامة، هم مجموع الفقراء والمساكين، وهذا أمر شبيه بالوقف، ومن أركان الوقف أن يكون هناك واقف، وهنا لا يوجد واقف لأن أموال الزكاة ليست ملكا للمزكين حتى يقفوها.

وأجيب على ذلك بأن هذه الحالة ذات شبه بالوقف من بعض الوجوه وليست مطابقة، ومعني ذلك أنها خارجة عن الوقف، وما دام الأمر كذلك فليست بحاجة لتوفر أركان الوقف أو شروطه وهو المطلوب.

بعض المحاولات التطبيقية

من الناحية الواقعية فقد بدأت بعض الجهات أو الحكومات تنفيذ فكرة توظيف الزكاة في مشاريع ذات عائد على المستحقين دون تمليك فردي لها، وكانت النتائج باهرة في تحقيق مصالح المستحقين، كما هو الحال في دولة باكستان، والدولة الأردنية وبيت الزكاة الكويتي، مما هو مفصل في أصل هذا البحث.


(١) لا بد من رفع حاجة الفقير والمسكين من مال الزكاة إلى الحد المعقول أولا وقبل توظيف الأموال في المشاريع المذكورة، فرفع حاجة الفقير ابتداء شرطة لصحة الصيرورة إلى التوظيف الآخر

<<  <  ج: ص:  >  >>