للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقشة

توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع

بلا تمليك فردي للمستحق

الجلسة الصباحية: صفر ١٤٠٧هـ /١٣ أكتوبر ١٩٨٦ م

الرئيس:

العرض في توظيف الزكاة فضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف فرفور فنرجو أن يتفضل بإعطاء عرض عن مسألة توظيف الزكاة.

الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:

شكرا أيها السيد الرئيس ...

بسم الله الرحمن الرحيم ... الحمد لله والسلام على عباده الذين اصطفى.

توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي المستحق هو عنوان البحث. يعتمد هذا المبحث على مبحث آخر لابد من التعرض له، وهو: هل تغني الإباحة عن التمليك في إخراج الواجبة؟ نص الحنفية والجمهور من الفقهاء على أنه لا تجزئ عن الزكاة الإباحة ولا الإطعام، لأنه لا بد من تمليك لقوله تعالى {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} فكل ما جاء في القرآن المجيد بلفظ الإيتاء يشترط فيه التمليك لأن الإيتاء خاص معناه التمليك، والاختصاص دون الإباحة والإطعام، لكن قالوا: إذا دفع الغني للفقير المطعوم ناويا الزكاة يجزئه وذلك كما إذا وضعه في سفط ووضعه في يده بنية الزكاة، وكما لو كساه، لأنه بالدفع إلى الفقير بنية الزكاة يملكه، فيصير الفقير آكلا من ملكه، بخلاف ما لو أطعمه معه.

وأجاز بعض الزيدية احتساب ما يقدمه لضيوفه الفقراء من الزكاة بشروط:

أولها: أن ينوى الزكاة، وثانيها: أن تكون عين الطعام باقية كالتمر والزبيب، وثالثهما: أن يصير إلى كل واحد ما له قيمة ولا يتسامح بمثله. ورابعها: أن يقبضه الفقير أو يخلي بينه وبينه مع علمه بذلك. وخامسها: أن يعلم الفقير أنه زكاة لئلا يعتقد مجازاته ورد الجميل بمثله.

المقصد من المبحث: هل يصح توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق؟ أي بلا تمليك مباشر. لم يتعرض الفقهاء القدامى ولا المعاصرون فيما أعلم إلى هذا الأمر الجديد الذي يصح أن يسمى نازلة أو واقعة. وهي مما عمت به البلوى واحتاج الناس إليه في هذا العصر، فوجب النظر من جديد على ضوء القواعد الفقهية الكبرى في مذاهب فقهاء الأمصار. أما أنظار زملائى أعضاء المجمع وخبرائه الكرام فتتلخص فيما يلى حسبما جاء في كتابتهم المشكورة.

أولا: ذهب فضيلة الأخ تيجاني صابون محمد حفظه الله، وهو مالكي المذهب في مقولته هذه فيما أحسب، ذهب إلى أن توظيف الزكاة في مشاريع ذات ريع بلا تمليك فردي للمستحق لا يمكن أن يتم إلا إذا وجد مستحقو الزكاة حقوقهم، وبقدر الكفاية المحددة لهم بأنه لا بد أن يعطى الفقير القدر الذي يخرجه من الفقر إلى الغنى. فإذا ما حصل ذلك ووجد كل ذي حقه من أموال الصدقة أي الزكاة وفاضت، فيمكن بعد توجيها إلى مثل هذا المشروع كما حدث في عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لما أبلغ بفيض أموال الصدقة بعد توزيعها إلى المستحقين أمر بتزويج العزاب منها. كما أخرجه الإمام في موطئه في باب القراض حسب عزم الشيخ والعهدة على الناقل. وقد جعله عمر قراضا فأخذ عمر رأس المال ونصف ربحه وأخذ ابنه ربح المال.

<<  <  ج: ص:  >  >>