ثانيا: الكفارة، والكفارة من الأشياء التي سلك بها التشريع الإسلامي بالنسبة للخطأ غير المسالك الموجودة في الأخطاء الأخرى في بقية أنواع القضايا، فقد يخطئ الإنسان فيفسد مال غيره، وقد يخطئ الإنسان فيتصل جنسيا بزوجة غيره وأنواع الخطأ كثيرة لكن ليس هناك إلزام بكفارة إلا هنا؛ لأن النفس البشرية أو الحياة قيمتها قيمة خاصة، وبذلك يشعر الإنسان دائما في ضميره وفي ذاته وفي باطنه أنه قتل نفسا وإن كان خطأ، ولهذا حتى تجد النفس اللوامة ذلك النقص كان من حكمة الشريعة أن وضعت في مقابل النفس المقتولة نفسا تحرر من الأسر، ولذلك وقعت البشرية في نظري عند حدود إما القتل وإما إحياء نفس بتحريرها وإما بتنظيف باطن الإنسان بصورة الصيام، ولا يمكن أن نجعل القضية المالية أو دفع المال مساويا لما ذكرت، لأني قلت: إن مسلك الشريعة في قتل الخطأ والتعدي خطأ على الإنسان هو غير مسلكها في غيره.
التعزير، الحقيقة إن التعزير لا يكون إلا إذا كان هناك تعمد بمعنى أنه يندر صدوره في القتل الخطأ، فإذا كان يندر صدوره في قتل الخطأ ولكن هناك من ناحية أخرى التقصير، تقصير معتمد من صاحب السيارة أو من صاحب المركبة أو من صاحب الطائرة أو من شركة الطيران أو من شركة البواخر، فهنا يأتي التعزير، بما يمنع المستعملين لهذه الوسائل من التحرر بهذه الوسائل الفتاكة بالبشرية، والتعزير أراه واجبا ومؤكدا وأن يقنن تقننيا واضحا، وهذا التعزير قد يكون بالمال وقد يكون بالسجن وقد يكون بما يراه من ينظر في المصلحة العامة، ما يراه أولى وأجدر بردع الناس في تجاوزهم لحدود استعمال هذه الوسائل.
أمر آخر: وهو السائر في الطريق، إذا تسبب في الحادث، قطع الطريق في مكان ليس له الحق أن يقطعه فإذا بالسائق يضغط على الكابح فصدم وجهه أو الذي بجانبه على البلور الأمامي فمات، فإذا وقعت مثل هذه الواقعة فم إذا يتحمل السائر في الطريق الذي تسبب في موت السائق في السيارة؟ وهو من النواحي التي ينبغي أن تبحث في نظري.