للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثالث: هو أن المخطئ تارة يبقى حيا وتارة يموت هو أيضا، فإذا مات المخطئ فلا بد من البحث في القضية هذه وفي أحكامها.

الأمر الرابع: الذي تقدمني به الدكتور الخياط، وهو لا بد من تقسيم وسائل النقل إلى وسائل تسير في البر وفي البحر وفي الجو، وهي متحدة الأحكام ومختلفة الأحكام، فقضية القتل أو التعدي أو الخطأ تتناول المحاور الآتية:

أولا: الدية وقد كثر الكلام في الدية ومن يتحملها. لما جاء الإسلام كان هناك نظام اجتماعي أقره الإسلام، هذا النظام الاجتماعي موجود في الوضع الإسلامي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه غير ما هو موجود في بقية المجتمعات الأخرى، إن تطور الزمن وظهور ظاهرتين، هما التحرر من ناحية، ثم وسائل النقل المساعدة على تجرؤ العائلات وانتقالها من مكان إلى مكان؛ أفقد من معظم بلاد العالم الإسلامي العاقلة أو الأسرة الكبيرة، ولم يبق إلا في بعض المناطق أو في بعض البلدان، إذا قيست بمليار مسلم كان جزءا قليلا، فلا تهمل العاقلة حيث وجدت، إذا بقي النظام الاجتماعي في بلد من البلدان على الترابط فلا بد من نظام العاقلة، فالعاقلة أمر قررها رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر الأمر عليها في كل بلد من البلدان عليه، فإذا انتهى من بلد أو أن النظام الاجتماعي لا يقوم على أساس الأسرة الكبيرة وعلى أساس الترابط فأعتقد أنه لا وجه للحديث عن العاقلة هنا، ولا يمكن أن أجعل أو أقيس قضية العاقلة على النقابات، لأنه ما قتل شخص ولو خطأ إلا ولا بد أن هناك من تقصير، تقصير ولو جزئي، وشأن الأسرة أنها تترابط فيما بينها حتى بتأديب الشخص، هذا غير موجود في النقابات.

بالنسبة لما نقل عن الشيخ عبد القادر عودة رحمه الله تعالى، فإجلالنا أو إكبارنا لهذا الشخص وجهاده واستشهاده، هذا الرجل لا يسبغ عليه جهاده أن يصبح فقيهًا مجتهدا يرجع إلى كلامه، ولا موته يعطيه هذه القيمة، فما أظن أن الشيخ عبد القادر عودة قد وصل إلى درجة الاجتهاد حتى يصبح كلامه بعد موته مرجعا يرجع إليه، وإن ذكره في كتبه، فإن وضعنا الاجتماعي ووضعنا الحضاري ألزم ألا تهدر الأرواح البشرية وألا تضيع العائلات؛ لأن شخصا ملك سيارة فقتل رب العائلة أو قتل الزوجة وأبقى البنين يتامى، لا بد من حل لهذه المشكلة، والحل ظفر به الغرب في التأمين، لكن كانت الصورة للتأمين في الغرب فيها كثير من الباطل وفيها شيء من الحق، فقد وصل علماء المسلمين في عصرنا هذا إلى التأمين التعاوني، فلو أخذت الدول بالتأمين التعاوني الإلزامي لكل من يملك سيارة يسير بها حفظا لحقوق العائلات وحفظا للأيتام من التعدي عليهم، لكان ذلك صوابا وأمرا مؤكدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>