نقطة سمعتها كذلك من الإخوة – جزاهم الله خيرا – وهي: إثارة بدل الرقبة، الرقبة الآن في الكفارة غير موجودة أو متعسرة، يتعسر الحصول عليها، وقال بعض الإخوة: يمكن أن نأخذ بالبدل المالي، ولكن لو نظرنا إلى ما ذكره علماؤنا الأفاضل حدثا وسلفا، لا نجد أحدا فيما أعلم قال بهذا القول، وهذا يذكرنا بفتوى صدرت وصارت مجال تندر، وقد صدرت من أحد الفقهاء في الأندلس حينما كان من الوالي جماع زوجته في نهار رمضان، فأفتاه بأن عليه أن يصوم ولا يعتق رقبة، ولفتواه شيء من النظر، لكنها مخالفة للإجماع فهي مردودة، وقال في فتواه: إن لديه الاستعداد أن يعتق مئات من الأرقاء في سبيل إشباع شهوته وانتهاك حرمة رمضان، فرأى أن يعاقب بالصوم، ولكن هذه النظرة بالرغم من أن لها من حيث ما يبررها، أو لها ما يجعلها مقبولة من حيث العاطفة لا من حيث الدلالة الشرعية، فهو يقول: يمكن أن يعتق مئات الأرقاء ويتمتع بشهوته، ولكنه لا يستطيع أن يصوم شهرين أو يصوم لكل واقعة شهرين، فأفتاه بالصيام دون الإعتاق، ولا يخفى أن الكفارة مبنية على الترتيب: عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فكانت هذه الفتوى مجال تندر، والحاصل أنه لا ينبغي لنا أن نأتي بشيء لم يقل به أحد من أهل العلم، فقد كفينا، لكن حينما نختار بعض آراء لعلمائنا الأفاضل ونقول: إن المقتضى يقتضي الأخذ بها، هذا يمكن أن يكون، أما أن نأخذ بشيء لم يقل به أحد، وهو مخالف للنص، فهذا لا يجوز أن نأخذ به، وإن كنا نستحسنه من حيث العاطفة ومن حيث انشراح الخاطر له، وعلى كل حال، نحن بشر، والله تعالى حكيم حميد، وقد مَنَّ علينا بهذا التشريع المبارك، وهو أعلم بنا وبما يصلح أحوالنا.
فهذا ما أحببت أن يشار إليه، وشكرا يا فضيلة الرئيس وأيها الإخوة الأعزاء.