هذا جانب، وجانب آخر بحثته هيئة كبار العلماء وهو ما يتعلق بتضمين أصحاب المواشي الذين يطلقون مواشيهم، فبحثوا الموضوع وانتهوا إلى القرار الذي تفضل بالإشارة إليه فضيلة الدكتور عبد القادر، وهو أن الدابة ضمانها هدر، ثم نظروا هل يمكن أن يضمن صاحب الدابة ما تلف من هذا الحادث فترددوا في إصدار قرار، ورأوا أن ذلك ينبغي أن يعود إلى القضاء نفسه، فالقضاء هو الذي يقدر المسؤولية، وبالفعل وجه هذا التوجيه إلى بعض القضاة الذين أثاروا الموضوع لدى هيئة كبار العلماء، وفي نفس الأمر صدرت قضايا من القضاة في المملكة بتضمين بعض ملاك المواشي، وجاءت هذه القضايا أو هذه الأحكام إلى محكمة التمييز وأيدت هذا.
والأمر كما تفضل به فضيلة الرئيس من أن الأمر بتضمين الملاك ليس على إطلاقه، ولكن ينبغي أن يلاحظ أن لديهم من التفريط وعدم الاهتمام بمواشيهم ما يجعلهم مسؤولين من حيث الجملة.
هذه ناحية، وناحية أخرى وهي ما يتعلق بالتردد في قبول العقوبة المالية، وبعض الإخوة المعلقين قالوا بهذا التردد، في الواقع إن العقوبة – كما هو معروف – تكون عقوبة جسدية من حيث الجلد أو الحبس وتكون عقوبة مالية، وللإمامين الكريمين رحمهما الله، شيخ الإسلام ابن تيمية وتليمذه ابن القيم مجال واسع في توضيح هذه المسألة وفي ذكر مجموعة كبيرة من الأمثلة التي تدل دلالة واضحة لا غبار عليها في أن العقوبة المالية معتبرة، فيمكن أن يصادر مال ويمكن أن يحرق مال، ويمكن أن يغرم المتسبب، وتكون هذه الغرامة لمن تضرر بهذا السبب، وفي الطرق الحكمية وفي الحسبة الشيء الكثير مما ذكرت.