للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أن الحديث ـ على فرض ثبوته ـ ليس نصًّا على الدعوى، حيث يحتمل أكثر من معنى فقد قال الطيبي: "يجوز أن يرجع الضمير في (غيره) إلى (من) في قوله: _من أسلف) يعني لا يبيعه من غيره قبل القبض، أو إلى شيء، أي لا يبدل المبيع قبل القبض بشيء آخر (١) .

وقد أجاب شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الحديث بجوابين أحدهما: أنه ضعيف، ثم قال: "والثاني: المراد به أن لا يجعل السلف سلمًا في شيء آخر، فيكون معناه النهي عن بيعه بشيء معين إلى أجل وهو من جنس بيع الدين بالدين، ولهذا قال: (لا يصرفه إلى غيره) أي لا يصرف المسلم فيه إلى مسلم فيه آخر، ومن اعتاض عنه بغيره قابضًا للعوض لم يكن قد جعله سلمًا في غيره" (٢)

ثالثًا: أن الحديث رواه الدارقطني بلفظ آخر ليس فيه ما يدل عليه اللفظ السابق، وهو "من أسلف في شيء فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه، أو رأس ماله (٣) فهذا اللفظ ليس فيه النهي عن صرفه إلى غيره، لكن الحديث ضعيف جدًّا، ومضطرب ومعلول كما قال الحافظ ابن حجر وغيره (٤) ، فلا ينهض حجة.

٢ ـ وأما البيع قبل القبض ـ كقاعدة عامة ـ ستأتي مناقشته فيما بعد عند كلامنا عن بيع المسلم فيه لغير المسلم إليه.


(١) عون المعبود: (٩ / ٣٥٤)
(٢) مجموع الفتاوى: ط. الرياض (٢٩ / ١٧جـ) ، ويراجع كذلك شرح ابن القيم على سنن أبي داود (٩ / ٣٥٥) .
(٣) الدارقطني: (٣٠٨) .
(٤) التلخيص الحبير: (٣ / ٢٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>