للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ ـ وأما الإجماع الذي ادعاه صاحب المغني ابن قدامة، فقد رد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: "وأما ما ذكره الشيخ أبو محمد في (مغنيه) .. قال: (بيع المسلم فيه قبل قبضه لا نعلم في تحريمه خلافًا) فقال رحمه الله بحسب ما علمه، وإلا فمذهب مالك أنه يجوز بيعه من غير المستسلف، كما يجوز عنده بيع سائر الديون من غير من هو عليه، وهذا أيضًا إحدى الروايتين عن أحمد نص عليه في مواضع بيع الدين من غير من هو عليه، كما نص على بيع دين السلم ممن هو عليه، وكلاهما منصوص عن أحمد في أجوبة كثيرة من أجوبته، وإن كان ذلك ليس في كتب كثير من متأخري أصحابه، وهذا القول أصح، وهو قياس أصول أحمد (١)

وإذا كان هذا هو القول الأصح للإمام أحمد، فلنذكر رأي المالكية في هذه المسألة، جاء في المدونة: "قلت: فإن كنت أسلفت في شعير، فلما حل الأجل أخذت سمراء، أو عمولة؟ قال: لا بأس بذلك هو قول مالك، قلت: ولا ترى هذا بيع الطعام قبل أن يستوفي؟ قال: لا إذا حل الأجل، فأخذت بعض هذا من بعض مثل الذي ذكرت لي، وأخذت مثل كيله، فإنما هذا بدل، وليس هذا بيع الطعام قبل أن يستوفي (٢)


(١) مجموع الفتاوى: (٢٩ / ٥٠٦) ، وقد سرد ابن القيم في شرح سنن أبي داود ـ بهامش عون المعبود (٩ / ٣٥٣) ـ مجموعة من أجوبة أحمد وأصحابه منها أن القاضي قال: نقلت من خط أبي حفص في مجموعه: "فإن كان ما أسلم فيه مما يكال أو يوزن فأخذ من غير نوعه مثل كيله مما هو دونه في الجودة جاز، وكذلك إن أخذ بثمنه مما لا يكال، ولا يوزن كيف شاء".. ومنها ما قال حرب: سألت أحمد: فقلت: رجل أسلم إلى رجل دراهم في بر، فلما حل الأجل لم يكن عنده بر، فقال: قوم الشعير بالدراهم فخذ من الشعير.. مثل كل البر، أو أنقص
(٢) المدونة: (٤ / ٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>