للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء المانعون استدلوا بما يلي:

أولًا: إنهم اعتمدوا في منعهم هذا على أن دين الحوالة يجب أن يكون مستقرا، وأن السلم بعرض الفسخ (١) .

ويمكن الجواب عنه بأن هذا الشرط نفسه محل خلاف وليس عليه دليل من الكتاب والسنة والإجماع، فالنص النبوي الشريف في الحوالة لم يشترط كون الدين مستقرًّا أو غير مستقر، بل قال: " فإذا أتبع ـ أو أحيل ـ أحدكم على مليء فليتبع" (٢) ، فالنص لم يشترط سوى كون المحال عليه مليئًا قادرًا على أداء الدين، ولذلك قال الشوكاني معلقًا على اشتراط استقرار الدين لدى البعض: "فلا أدري لهذا الاشتراط وجها؛ لأن من عليه الدين إذا أطال على رجل يمتثل حوالته، ويسلم ما أحال به كان ذلك هو المطلوب؛ لأن به يحصل المطلوب بدين الحال ولو لم يكن في ذمة المحال عليه شيء من الدين (٣) ، ولذلك أجاز الحنابلة أنفسهم استعمال لفظ الحوالة في صورتين ليستا بحوالة، وإنما هي وكالة وقرض (٤)


(١) المغني لابن قدامة: (٤ / ٣٣٥)
(٢) الحديث متفق عليه، ورواه الشافعي، وأحمد، وأصحاب السنن، انظر: صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (٤ / ٤٦٤) ، ومسلم: (٣ / ١١٩٧) ، وسنن أبي داود ـ مع العون ـ: (٩ / ١٩٥) ، والترمذي ـ مع التحفة: (٤ / ٥٣٥) ، وابن ماجه: (٢ / ٨٠٣) ، والسنن الكبرى للبيهقي: (٦ / ٧٠) ، والنسائي: (٧ / ٢٧٨) ، والأم: (٣ / ٢٠٣) ، ومسند أحمد: (٢ / ٤٦٣) .
(٣) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار: (٤ / ٢٤٢)
(٤) جاء في المغني (٤ / ٥٧٩) : "وإن أحال من لا دين له عليه رجلًا على آخر له عليه دين فليس ذلك بحوالة، بل هي وكالة.. وإنما جازت الوكالة بلفظ الحوالة، لاشتراكهما في المعنى.. وإن أحال من عليه دين على من لا دين عليه فليست حوالة أيضًا.. وإنما هو اقتراض، فإن قبض المحتال منه الدين رجع على المحيل، لأنه قرض.. وإن أحال من لا دين عليه فهي وكالة في اقتراض، وليست حوالة؛ لأن الحوالة إنما تكون لدين على دين". وعند المالكية: "لو أعلم المحيل المحال بأنه لا دين له على أعمال عليه، أو علم من غيره، وشرط المحيل البراء من الدين الذي عليه، ورضي المحال صح التحول، ولا رجوع له على المحيل، لأنه ترك حقه حيث رضي بالتحول"، انظر: الشرح الكبير مع الدسوقي (٣ / ٣٢٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>