للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: واستدل المانعون كذلك بأن الحوالة إما بيع وهو لا يجوز قبل قبض المبيع، أو هو كالبيع، أي يقاس عليه فيكون حكمه مثل حكمه.

والجواب عن ذلك من وجوه:

الوجه الأول: "أن هذا الكلام مبني على أن الحوالة بيع، وهذا بناء ضعيف؛ لأن الحوالة عقد مستقل له شروطه ومواصفاته وأن اسمها ومسماها قد أثبتهما الشرع، فلا يقبل أن تدخل في عقد آخر، ومن هنا فاختلاف الاسم والمسمى لغة وشرعًا يدل على اختصاص هذا العقد بأحكامه الخاصة به دون غيره، ولذلك لا يشترط في عقد الحوالة التقابض حتى ولو كان الدينان من النقود، أو الطعام، ولا يدخل في بيع الدين بالدين الذي يمنعه الفقهاء، وجاز فيه كون أحد الدينين أكثر من الآخر وغير ذلك (١)

الوجه الثاني: أن قياس الحوالة على البيع قياس مع الفارق، لما ذكرنا في الوجه الأول.

الوجه الثالث: أن المقيس عليه نفسه مختلف فيه فلا يصلح أن يكون أصلًا ملزمًا للطرفين، فبيع المبيع قبل قبضه ـ بما فيه المسلم فيه ـ محل خلاف، كما سبق.

ثالثًا: استدلوا بما روي: ((من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) .

والجواب عنه ـ كما سبق ـ أنه ضعيف جدًّا لا ينهض حجة ولو فرضنا ثبوته فلا يدل على منع الحوالة؛ لأن معناه النهي عن عدم صرف المسلم فيه إلى شيء آخر، ولا يدل الحديث على منع الحوالة به أو عليه (٢)


(١) المغني لابن قدامة: (٤ / ٣٣٥) .
(٢) فتح العزيز شرح الوجيز، بهامش المجموع: (١٠ / ٣٣٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>