للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ ـ الاستفادة من الوعد بالبيع،والمواعد به:

الوعد لغة: هو التعهد، وكذلك الموعد، قال تعالى: {مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} [طه: ٨٧] ، حيث قال مجاه: الموعد: العهد، وكذلك قوله تعالى {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} [طه: ٨٥] : عهدي (١)

والمواعدة هي الوعد من الطرفين.

والوعد بالبيع ـ أو نحوه ـ: هو التعهد بإنشاء البيع ـ مثلًا ـ في المستقبل، أو بالقيام بالشراء، أو نحو ذلك في المستقبل.

والوعد بالمال: أن يتعهد بدفع المال المتفق عليه في المستبق.

وقد أولى القرآن والسنة النبوية المشرفة عناية كبرى بالوعد وأهميته، وضرورة الحفظ عليه، وحرمه إخلافه، حتى تكرر (وعد) ومشتقاته في القرآن الكريم أكثر من (١٥٠) مرة، تدل على هذه العناية، وعلى إلزامية الوعد بالنسبة للواعد، ولذلك فهم الأنبياء الكرام من الوعد الالتزام، فقد قال نوح ـ عليه السلام ـ لربه حينما رأى ابنه قد هلك بالطوفان: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود: ٤٥] . طلب ذلك لأن الله تعالى وعده بنجاة أهله، فبين الله تعالى بقوله: {قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: ٤٦] ، أي أن المراد أهلك اتباعك الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أما ابنك فقد خرج منهم بعمله غير الصالح، وكذلك التزام إبراهيم بالاستغفار لأبيه الكافر، لأنه وعده ذلك، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: ١١٤] ، كما أن موسى ـ عليه السلام ـ بين لقومه أن مخالفة الموعد يترتب عليها العقوبات الرادعة فقال: {أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي} [طه: ٨٦] ، وكذلك فهم موسى وخضر الإلزام حتى في المواعدة، حيث حينماوعد موسى بأنه إذا سأل عن شيء بعد ذلك فلا يصاحبه خضر، ثم سأل، قال خضر: {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ} [الكهف:] (٢)


(١) لسان العرب: (٦ / ٤٨٧٢) ، مادة (وعد)
(٢) راجع سورة الكهف من آية ٦٠ إلى الآية ٨٢، وراجع صحيح البخاري، وترجم له في كتاب الشروط (باب الشروط مع الناس بالقول) فتح الباري: ٥ / ٣٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>