والمقصود بهذا العرض الموجز أننا بحاجة ـ كما يقول الأستاذ الدكتور القرضاوي (١) ـ إلى نوعين من الاجتهاد، هما الاجتهاد الانتقائي بحيث يقوم الفقهاء بغربلة الفقه الإسلامي بمختلف آرائه ومذاهبه ومدارسه للوصول إلى ما هو الأرجح دليلًا، والأوفق بمقاصد الشريعة، والأكثر تحقيقًا للمصالح، مع مراعاة ضوابط الشرع، وتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
والاجتهاد الإنشائي في المسائل التي لا نجد فيها آراء لفقهائنا الكرام ولأنها لم تكن موجودة في عصرهم، وإنما هي ظهرت في عصرنا نتيجة للتطورات الاقتصادية والطبية، والاجتماعية، والسياسية.
فإذا أردنا النجاح فعلينا أن نسير بتوازن على هذين الأمرين، وهما: الاعتماد على فقهنا العظيم مع تنقيته، وغربلته، والاستفادة من كل نظرية من نظرياته، وكل رأي من آرائه ما دام صادرًا من فقيه ثقة، صحابيًّا كان أم تابعيًّا، أم إمامًا للمذهب أو غيره.
ثم التجديد في الاجتهاد، وعدم الوقوف على ما قالوه ولاسيما في الأمور الجديدة، والقضايا المستحدثة، مشجعين على هذا النوع ما دام صاحبه أهلًا للاجتهاد الكلي، أو الجزئي، أو الترجيح، وما دام يريد به وجه الله تعالى، ولا نغلظ عليه إن أخطأ، بل يصوب بعضنا البعض من خلال المنابر الفقهية المعتبرة كهذا المجمع الموقر الذي يحتضن الجميع، أو من خلال المناقشات العلمية الهادفة التي تريد إحقاق الحق، وإظهاره على لسان أي شخص كان، والله المستعان.
الخلاصة
بعد هذا الاستعراض الشامل الموجز للتطبيقات الشرعية لإقامة سوق المال الإسلامية نلخص بأن سوق المال الإسلامية تحتاج إلى ثلاثة عناصر أساسية بعد ترتيب النواحي الإدارية والفنية، هي الأسهم والسندات أو الصكوك، والعقود النمطية، أو العقود العادية، وهي:
أولًا: في نطاق الأسهم نجد فيها سعة من الناحية الشرعية حيث إنها تعني حصة المساهمة بنسبة من الشركة، ولذلك فالأصل فيها الحل إلا إذا كانت طبيعة الأسهم ـ كأسهم الامتياز بالمال ـ مخالفة للشرع، أو أن محلها ونشاطها محرم.
(١) الأستاذ الدكتور / يوسف القرضاوي: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية، ط. مكتبة الوهبة بالقاهرة ص (٢٧٧)