للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

هل يمكن أن تقوم نقابة الأطباء أو شركة التأمين

بدور العاقلة

العاقلة: هي الدية، وتسمى عقلاً لأنها تعقل الدماء من أن تسفك أي تمسكها ومنه العقل؛ لأنه يمنع القبائح (١) والعاقلة مشتقة من العقل، وهو المنع، وسميت الدية عقلاً تسمية بالمصدر، لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل، ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية، سواء أكانت إبلاً أم نقداً (٢) وبأداء الدية تعقل ألسنة أولياء القتيل، كما يعقل فيهم القاتل.

وعاقلة الرجل قرابته من جهة أبيه، هم عصبته الذين يمنعونه، وينتصرون له، ويعقلون الإبل، ويدفعون المال تغطية لجنايته، وقد تثبت بالسنة في كثير من الأحاديث، ويمكن القول –خلافاً للأصم من الفقهاء-: إن تحميل العاقلة للدية، مخصص بالأحاديث الثابتة عمومات الكتاب، كقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: ١٥] {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] ونحوهما؛ والإجماع منعقد على ذلك، فلا يعتبر شذوذاً.

وإن الحاجة والمصلحة تدعو إلى تشريع نظام العاقلة، لأن القاتل لو أخذ بالدية وحده، لأوشكت أن تأتي على ماله كله، إن كان لديه منه ما يقوم بها، ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول، فكان في ذلك رعاية مصلحة الجانبين (٣)

أ- ويرى الشافعية أن العاقلة عصبة الجاني من النسب باستثناء الأصل والفروع لورود النصوص باستثنائها في حديث الخشخاش العنبري، قال: ((أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابن لي، فقال: ابنك هذا؟ فقلت: نعم، قال: لا يجني عليك، ولا تجني عليه)) (٤)

ب- ويرى الحنفية أن العاقلة هم أهل الديوان، من الرجال البالغين المقاتلين، ويدخل فيهم الآباء والأبناء، ويستدلون لهذا بفعل عمر بحضور الصحابة، وهو أنه جعلها على أهل الدواوين والسجلات التي أنشأها.


(١) رد المحتار على الدر المختار حاشية ابن عابدين (٥/ ١٤٠)
(٢) انظر المصباح المنير مادة (عقل)
(٣) انظر نيل الأوطار (٧/ ٦٦- ٦٨) ؛ وبدائع الصنائع (٧/ ٢٥٥)
(٤) رواه الإمام أحمد وابن ماجه، انظر منتقى الأخبار بشرح نيل الأوطار (٧/ ٧٠) ورد المحتار على الدر المختار حاشية ابن عابدين (٥/ ٤١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>