ج- ولو طبقنا كلام (ابن القيم) على بعض أطباء زماننا، لأخرجناهم من زمرة الأطباء الكاملين، ووضعناهم في أنصاف الأطباء على حد تعبيره (رحمه الله وغفر له) .
فإن أطباء هذا الزمان يطرحون جانب الأحوال النفسية لمرضاهم ولا يعملون على تقويتها.
د- ومن أجل ذلك، رأيت في هذه الخاتمة أن أجمع بعض ما ورد في تعاليم الإسلام وآدابه، إضافة إلى ما ورد عن الأطباء في عصور الحضارة والازدهار مما يتعلق بقواعد مزاولة مهنة الطب وآدابها، راجياً أن تكون تلك الخاتمة مسكاً وتبصرة لكل من يتبصر فيها إن شاء الله تعالى.
هـ- وأول هذه القواعد والآداب، هو (قسم أبقراط) ، ولقد روجع هذا القسم على مر العصور بقصد تنقيحه وتهذيبه وإدخال بعض التحسينات عليه، وكان ممن راجعوه وعلقوا عليه (ابن رضوان) عميد أطباء القاهرة في القرن الثالث عشر، فكان مما قال: إن الطبيب –على رأي أبقراط- هو الذي اجتمعت فيه سبع خصال:
الأولى- أن يكون تام الخلق، صحيح الأعضاء، حسن الذكاء، جيد الروية، عاقلاً ذكوراً، خير الطبع.
الثانية- أن يكون حسن الملبس، طيب الرائحة، نظيف البدن والثوب.
الثالثة- أن يكون كتوماً لأسرار المرضى، ولا يبوح بشيء من أمراضهم.
الرابعة- أن تكون رغبته في إبراء المرضى، أكثر من رغبته فيما يلتمسه من الأجرة، ورغبته في علاج الفقراء، أكثر من رغبته في علاج الأغنياء.
الخامسة- أن يكون حريصاً على التعليم والمبالغة في منافع الناس.
السادسة- أن يكون سليم القلب، عفيف النظر، صادق اللهجة، لا يخطر بباله شيء من أمور النساء والأموال التي شاهدها في منازل الأعلاء، فضلاً عن أن يتعرض إلى شيء منها.
السابعة- أن يكون مأموناً ثقة على الأرواح والأموال، ولا يصف دواء قتالاً ولا يعلمه، ولا دواء يسقط الأجنة، ويعالج عدوه بنية صادقة كما يعالج حبيبه (١)
(١) عيون الأنباء في طبقات الأطباء (ص ٥٦٤- ٥٦٥) لابن أبي أصيبعة، ترجمة ابن رضوان، نشر دار مكتبة الحياة في بيروت سنة ١٩٦٥ م