(إذا وصف لي رجل له علم الأولين والآخرين، لا أتأسف على فوات لقائه، وإذا سمعت رجلاً له أدب النفس، أتمنى لقاءه وأتأسف على فوته) .
وقال الأديب المتفقه ابن قتيبة:
(ونحن نستحب لمن قبل عنا وأتم بكتبنا، أن يؤدب نفسه قبل أن يؤدب لسانه، ويهذب أخلاقه قبل أن يهذب ألفاظه) .
فالطبيب والعالم المتأدب، أحوج إلى تأديب أخلاقه من تأديب لسانه.
ب- ومن الحق علينا أن نذكر، أن فقهاء المسلمين اعتبروا الخبرة بالنفوس وأحوالها، أساساً في علم الطب.
ويقول في ذلك العلامة ابن قيم الجوزية (١) :
(إن الطبيب الحاذق هو الذي يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان، فإن انفعال البدن وطبيعته عن النفس والقلب أمر مشهود، والطبيب إذا كان عارفاً بأمراض القلب والروح وعلاجهما، كان هو الطبيب الكامل، والذي لا خبرة له بذلك – وإن كان حاذقاً في علاج الطبيعة وأحوال البدن- نصف طبيب.
وكل طبيب لا يداوي العليل، بتفقد قلبه وصلاحه، وتقوية روحه.. فليس بطبيب، بل متطبب قاصر) .
(١) في كتابه: الطب النبوي (ص ٣٩٩) طبع دار الحياة في لبنان سنة ١٤٠٣ هـ، وكتابه: زاد المعاد (٤/ ١٤٤) طبع مؤسسة الرسالة في الشام، سنة ١٤٠٢هـ