إن التيسير من خصائص التشريع الإسلامي العامة، وقد تواردت على إثبات هذه الخصيصة كثير من نصوص القرآن والسنة منها قوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة: ١٨٥] ، وقوله:{مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[المائدة: ٦] .
ومن الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم:((إن هذا الدين يسر)) أخرجه البخاري: وقوله: ((يسروا ولا تعسروا)) .
والتيسير ليس شعاراً معنوياً، بل هو مرتكز لكثير من القضايا التي لم يرد نص بشأنها، ولا ورد بشأن ما هو قريب منها مشابه له ليقاس عليه؛ لذا ظهر هذا المبدأ بصورة تشريعية عامة.
(الأصل في المنافع الإباحة) :
ومعنى هذا المبدأ أن الإباحة هي الأصل فيما فيه نفع للناس، مما لم يتناوله نص أو يكون مقيساً على منصوص –إلا أن هذا فيما تمحض من الأشياء منفعة خالصة، والشأن في هذه الزمرة أنها تدرك من النصوص أو من سكوت الشارع، وهي مرتبة، سماها بعضهم (مرتبة العفو) اشتقاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما سكت عنه فهو مما عفا لكم)) أخرجه البزار بسند صالح كما قال ابن حجر، وفي رواية:((وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها)) . ومن الأدلة المشهورة لهذا المبدأ قوله تعالى:{خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}[البقرة: ٢٩] . والهدف من هذا المبدأ: الإقدام على ما تحققت فيه صفة المنفعة ولم يرد بشأنه منع، واطمئنان القلب إلى إباحته وانتفاء الإثم عن الانتفاع به.