للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يمكن أن تقوم نقابة الأطباء أو شركة التأمين بدور العاقلة؟

القاعدة العامة للمسؤولية في التشريع الإسلامي أن كل إنسان يتحمل تبعة جنايته، ولا يسأل أحد عن جرم الآخر؛ لقول الله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤] ، وللأحاديث الواردة في تعضيد هذا المبدأ القرآني، منها:

روى أبو داود عن أبي رمثة قال: ((انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي: ابنك هذا؟ قال: إي ورب الكعبة، قال: حقاً؟ قال: شهد به، قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً من ثبت شبهي في أبي ومن حلف أبي علي، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه. وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} )) ، وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن ماجه: ((لا يجن جان إلا على نفسه. لا يجني والد على ولده، ولا مولود على والده)) (١)

ولكن ورد استثناء في إلزام العاقلة بدفع دية الخطأ، وقد كان المبدأ سائداً قبل الإسلام فأمضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيه من نصرة وتخفيف وتعاون وبر وصلة رحم، وأصل وجوب الدية على العاقلة الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: ((اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة أو وليدة، وقضى بدية عاقلتها)) هذا لفظ البخاري، وروى الحديث مسلم، وأبو داود وابن ماجه وغيرهم، وتتحمل العاقلة الدية إذا كان الحادث خطأ ثابت بالبينة على الجاني، وأن تكون عن ضرر بدني لحر، وقال بعضهم: إن العاقلة تتحمل الدية التي لا تقل عن حد أدنى اختلفوا في تفصيله، وأجمع فقهاء المذاهب الإسلامية على أن دية الخطأ تجب على العاقلة مؤجلة في ثلاث سنين (٢) والعاقلة هم أهل ديوان الجاني كما قال الحنفية والمالكية إذا كان الجاني من أهل الديوان، وهم فرقته وحزبه في الجيش، وقال الإمام الشافعي: إن العاقلة هي عشيرة الجاني (٣)

وقال فقهاء الحنابلة والشيعة الزيدية والإمامية: إن العاقلة هم عصبة الجاني نسباً وولاء (٤)


(١) انظر نيل الأوطار للشوكاني ٨/ ٧٠
(٢) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ٧/ ٣٧٣، شرح الخرشي ٨/ ٥٨، منتهى الإرادات ٢/ ٤٥٠، البحر الرائق شرح كنز الدقائق ٨/ ٤٥٥
(٣) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ٧/ ٣٧١، حاشية قليوبي وعميرة ٤/ ١٥٤
(٤) منتهى الإرادات ٢/ ٤٤٩، كشاف القناع ٤/ ٣٦

<<  <  ج: ص:  >  >>