للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- وعندما أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم غرب في موقعة الأحزاب في أكحله (١) ((جعل له الرسول خيمة في المسجد وأوكل تمريضه إلى رفيدة الأسلمية، ثم جعل معه بعض الجرحى وأوكل تمريضهم جميعاً إليها)) .

وذكر الإمام الذهبي في كتابه الطب النبوي (٢) : (ونص أحمد أن الطبيب يجوز له أن ينظر المرأة الأجنبية إلى ما تدعو إليه الحاجة إلى العورة، نص عليه في رواية المروزي والأشرم وإسماعيل، وكذلك يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورة الرجل عند الحاجة.. قال المروزي: أصاب أبا عبد الله (أي الإمام أحمد) لوي فدعا بامرأة فأخرجته) ، ثم قال الذهبي: (وكذلك يجوز خدمته الأجنبية، ويشاهد منها عورة في حال المرض، وكذلك المرأة يجوز لها أن تخدم الرجل وتشاهد منه عورة في حال المرض إذا لم يوجد رجل أو محرم) .

مداواة الرجل للمرأة:

ومما استدل به على جواز مداواة الرجل للمرأة الأجنبية ما يلي:

١- روي عن جابر أن أم سلمة رضي الله عنها استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأذن لها، فأمر أبا طيبة أن يحجمها (٣)

٢- لا خلاف بين الفقهاء على جواز مداواة الرجل للمرأة، ونظر ومس ما تدعو الحاجة إلى نظره أو مسه، وإن كان عورتها المغلظة إذا اقتضت الضرورة أو الحاجة، ومن هذه الشروط عدم وجود امرأة يمكنها القيام بمداواتها، وقال بعض الحنفية: ينبغي أن يعلم الطبيب امرأة كيفية مداواة المريضة، وخص بعضهم ذلك بالعورة المغلظة، فإذا كان المرض في فرجها وخيف عليها الهلاك أو الإصابة بألم لا تطيقه، ولم توجد امرأة يمكن تعليمها كيفية المداواة فللرجل أن يداويها.

وتقدم الطبيبة الكافرة على الطبيب المسلم عند الشافعي، بحيث تداويها المرأة وإن كانت كافرة إلا إذا كان الرجل محرماً لها فيقدم على الكافرة، ويقدم الأمهر من الأطباء ولو كان رجلاً على المرأة.. ولو وجدت امرأة طبيبة لا ترضى إلا بأكثر من أجرة مثلها، ورضي الطبيب الرجل بأقل منها جاز للرجل مداواتها. بل لو وجد كافر يرضى بأجرة أقل من أجرة الطبيب المسلم جاز التداوي عنده، ويجوز التداوي عند الأمهر من الأطباء ولو كان كافراً مع وجود مسلم أقل خبرة ومهارة منه (٤)


(١) الأكحل: عرق في اليد يفصد ويحجم، والحديث أخرج البخاري طرفاً منه من حديث أبي سعيد الخدري، وأخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنهم أجمعين
(٢) الطب النبوي للذهبي ص ١١٢
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، وابن حبان في صحيحه أيضاً، وابن حزم في المحلى، صحيح مسلم: ٤/ ١٧٣، وصحيح ابن حبان: ٧/ ٤٤٧، والمحلى لابن حزم: ١٠/ ١٣٣
(٤) الهداية والعناية: ٨/ ٩٩، رد المحتار: ٥/ ٢٣٧، نهاية المحتاج: ٦/ ١٩٧، مغني المحتاج: ٣/ ١٣٣ نقلاً عن عبد الفتاح إدريس في بحث أخلاقيات الطبيب ص ١١

<<  <  ج: ص:  >  >>