للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولابد أن يكون مع الطبيب عند فحصه للمرأة مانع خلوة كوجود محرم من محارمها أو نساء أخريات، بل ذهب بعض الحنفية إلى أن الخلوة المحرمة بينهما تنتفي بوجود رجل آخر أجنبي عن المرأة، والراجح عند الشافعية أن الخلوة تنتفي بوجود امرأة ثقة أخرى، وذهب آخرون من الحنفية إلى عدم انتفاء الخلوة بوجود رجل أجنبي آخر، وكذلك القول المشهور عند الشافعية إذ يحرم خلوة رجل أو أكثر بالمرأة الأجنبية عنهم، وقال القفال الشاشي: يحرم خلوة رجل بامرأتين أو أكثر إلا إذا كانت إحداهن من محارمه فيجوز، وتنتفي الخلوة، وكذلك يحرم خلوة امرأة برجلين أو أكثر إلا إذا كان أحدهما من محارمها، وعند الحنابلة أن الخلوة لا تنتفي بوجود امرأة أو أكثر مع الطبيب والمريضة، كما لا تنتفي بوجود رجل أو أكثر أجنبي عن المرأة معها، ولابد لانتفاء الخلوة من وجود رجل من محارمها.

وذهب بعض الحنفية والمالكية إلى جواز خلوة الشيخ الهرم المرأة الشابة وخلوة المرأة العجوز غير المشتهاة بالرجل الأجنبي (١) .

وتحريم الخلوة ثابت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعهما ذو محرم)) ، وحديث عامر بن ربيعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له فإن ثالثهما الشيطان إلا محرم)) (٢)

ويسمح للطبيب أن ينظر أو يمس موضع المرض، هكذا قال الفقهاء، وفي الطب الحديث يحتاج الطبيب لمعرفة العلة وسببها أن يفحص أماكن أخرى عديدة قد لا تبدو للعامة (وهم هنا غير الأطباء) أي علاقة ظاهرية لها بموضع الألم.. ومثاله امرأة تشكو من وجع في بطنها، وقد يكون المرض متعلقاً بالقلب، أو تشكو من صداع، ويكون المرض متعلقاً بضغط الدم، وحينئذ لابد من فحص القلب وغيره من الأعضاء وفحص قاع العين، أو تشكو من كثرة التبول الناتجة عن البول السكري، وذلك يستدعي فحص العديد من أعضاء جسمها، وهكذا، ولهذا فإن اشتراط موضع الألم فقط أمر لا معنى له؛ لأن موضع الألم قد يكون بعيداً عن سبب العلة، ولابد للطبيب أن يفحص ما يحتاج إلى فحصه من جسم المريضة لمعرفة المرض ومضاعفاته، وللوصول إلى التشخيص السليم، وبالتالي إعطاء الدواء الصحيح.


(١) الهداية والعناية: ٨/ ٩٩، رد المحتار: ٥/ ٢٣٧، نهاية المحتاج: ٦/ ١٩٧، مغني المحتاج: ٣/ ١٣٣ نقلاً عن عبد الفتاح إدريس في بحث أخلاقيات الطبيب ص ١١، كما ينقله عن النووي في المجموع: ٤/ ٢٧٧- ٢٧٨، نهاية المحتاج: ٦/ ١٨٨، المغني لابن قدامة ٣/ ٢٣٩، الدر المختار ورد المحتار: ٥/ ٢٣٥- ٢٣٦، كشاف القناع ٥/ ١٣- ١٦ وشرح النووي لصحيح مسلم ٥/ ١٦- ١٨، ونيل الأوطار للشوكاني ٦/ ٢٤١، وسبل السلام للصنعاني: ١/ ٧
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٣/ ٤٤٦، والهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: رواه أبو يعلى والبزار والطبراني، وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف

<<  <  ج: ص:  >  >>