ولما كان لا بد من بحث الأحكام المتعلقة بالمريض وأسرته وأفراد المجتمع الذي يعيش فيه ويتعامل معهم، اخترت أن يكون مجالاً لبحثي المتواضع لعلي أسهم في معرفة أحكامه وطرق الوقاية منه بعد معرفة وسائل انتقاله، ولهذا قمت بقراءة بعض الكتب الطبية المتخصصة، والاتصال بكثير من الأطباء الذين لهم اهتمام خاص أو مؤلفات مكتوبة وبجهات رسمية مختصة في الطب الوقائي وحماية المجتمع من انتشار الأمراض السارية. (١)
فتكونت عندي فكرة جعلتني أقدم على الكتابة في أحكامه التي تعتبر نتيجة لوضوح رأي الأطباء، خصوصاً في الوسائل التي ينتقل بها، وحيث إن الأمراض المعدية منها ما ينتقل عن طريق المعاشرة الجنسية، ومنها ما ينتقل عن طريق الملامسة، ومنها ما ينتقل عن طريق المعايشة، ومنها ما ينتقل عن طريق الحشرات إلخ ... حرصت كل الحرص على معرفة طرق انتقاله.
وفرعت على ضوء ما ظهر لي وذكرت عند الاختلاف في بعض وسائل انتقاله احتمالات لكون الرأي الطبي فيها غير حاسم حتى الآن، وقد اقتضت طبيعة البحث أن أكتب تمهيداً في القضاء والقدر وارتباط الأسباب بالمسببات، ودفع توهم التعارض بين الأدلة المثبتة للعدوى والنافية لها، ثم كتبت في حكم علاقة الزوج المريض مع السليم، وهل يحق له فسخ النكاح أو لا؟ ثم تعرضت لأحكام جنايته وتسببه في نقل المرض إلى الأصحاء، وتقصير الأطباء المسبب لنقل المرض وما يترتب على ذلك من أحكام، وذكرت حكم حمل المرأة المصابة وإجهاضها وحضانتها ورضاعتها لطفلها الذي لم تظهر عليه أعراض المرض، كما عقدت مبحثاً بينت فيه حكم عزله عن المجتمع ومنعه من مشاركة غيره في التعليم والعمل ذكرت فيه الحكم على احتمالين كما جرت به عادة علمائنا الأفاضل من ذكر الاحتمالات في الأمور المشتبهة، كما أنني لم أنس الإجابة على طرق الوقاية في الحج حين الحلق، واللهَ أسأل أن يكون هذا العمل لله خالصاً وللإسلام والمسلمين نافعاً.
(١) مقابلة أجريتها مع عدد من المختصين في الطب الوقائي، كما زودني سعادة الدكتور عبد الرؤوف الديب، أستاذ مشارك طب القلب والأمراض الباطنية بجامعة أم القرى، وسعادة الدكتور يوسف حلمي بإجابات مفصلة عن كثير من الأمور التي أشكل علي معرفتها عند الأطباء