للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو معد في مراحله الثلاث؛ بل إن من أخطر مراحل انتقاله مرحلة السكون. ومعرفة مراحل المرض من أهم الأسباب التي ينبغي تفريع الأحكام عليها، ومن أهم الأحكام التي يجب مراعاتها اتخاذ كافة الاحتياطات للحد منه وعدم انتشاره؛ إذ الوقاية هي الوسيلة الوحيدة للحد منه حتى الآن، ولذا يجب إبلاغ الزوج الآخر بطريقة هادئة غير مروعة حتى يتخذ التدابير اللازمة ووسائل الوقاية التي يراها الأطباء، أو المفارقة، ولو تتبعنا نصوص الشارع لوجدنا فيها ما يمكن أن نستدل به على وجوب الإخبار، ولا سيما إذا علمت الإصابة قبل حصول معاشرة زوجية، (١) أما إذا حصلت المعاشرة فطريقة الإخبار تختلف عند الأطباء ولا تنافي تلك الطرق أدلة الشارع ومقاصده العامة وكما يقال: (كل مقام فله مقال) .

وإليك عدة نصوص يمكن الاستدلال بها على وجوب الإعلام والإخبار منها:

١- ((ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار، فلما دخل ووضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها (٢) بياضاً (٣) فانحاز عن الفراش ثم قال: خذي عليك ثيابك ولم يأخذ مما آتاها شيئاً)) . (٤)

وفي رواية: ((الحقي بأهلك)) ، زاد البيهقي: ((فلما أدخلت رأى بكشحها وضحاً فردها إلى أهلها وقال: دلستم علي)) . (٥)

والتدليس هو إخفاء العيب وكتمه (٦) وقد قال ذلك النبي صلى الله عليه وسلم منكراً عليهم عدم إخباره بما فيها من عيب، وأمر ببيان العيوب في المبيعات فكيف يكون الحال في مرض هو مقدمة لهلاك محقق، وقد ينتقل إلى غير الزوجين، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الضرر والإضرار ونفاهما، ونهى عن الغش والتدليس.

٢- عن ابن سيرين قال: (بعث عمر بن الخطاب رجلاً على السعاية فأتاه فقال: تزوجت، فقال: أخبرتها أنك عقيم لا يولد لك؟ قال: لا. قال: فأخبرها وخيرها) . (٧)

هذا أمر من أحد الخلفاء الراشدين لرجل عقيم لا يولد له فكيف والحالة يخشى تعديها إلى الزوج الآخر؛ بل تتعدى بظن غالب إلى الأبناء، أما إذا حصلت الإصابة وشك في إصابة الآخر فيجب إخبار الزوج الآخر وتنبيهه بأن المرض معد، ويجب عليه متابعة حالته، وعدم التسرع في الزواج من آخر حتى يغلب على الظن تجاوز مرحلة العدوى وأخذ الاحتياطات التي يراها الأطباء من لبس العازل الذي يقلل من انتقال العدوى إلى حد كبير إذا رغبا في استمرار الحياة الزوجية.


(١) كما في إصابات نقل الدم أو الإصابات التي تنكشف قبل الدخول أو يظهر الفحص المخبري بعد العمليات الجراحية أو الرجوع من السفر، أما إذا حصلت الإصابة ولم يعلم هل حصلت معاشرة أو لا فلذلك احتياطات في حق الزوجين ومتابعة خاصة معلومة عند الأطباء
(٢) ما بين الخاصرة إلى الضلع من الخلف، القاموس المحيط (الكشح)
(٣) أي برصاً
(٤) الشوكاني، نيل الأوطار: ٦/١٧٦ -١٧٧
(٥) البيهقي، السنن الكبرى: ٧/٢١٤
(٦) الفيومي، المصباح المنير
(٧) الصنعاني، المصنف: ٦/٢٥٣ - ٢٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>