للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثاني: التفريق بين الزوجين المصاب أحدهما بالإيدز:

مرض الإيدز وباء عصري لا نجد له ذكرا في نصوص الفقهاء، والذي يمكننا عند إرادة معرفة أحكامه هو النظر في نصوص الفقهاء وأحكامهم في الأمراض المعدية؛ كالجذام والبرص والسل وغيرها بجامع العدوى، وإن اختلفت طرق العدوى فالنظير يعطى حكم نظيره والمثيل يعطى حكم مثيله، وحيث إنه مرض ليس له علاج حتى الآن ولا حدود له زمانية ولا مكانية، فهو ينتقل إلى الزوجين عن طريق الولادة كما قرر الأطباء فقالوا: (أصيب عدد كبير من زوجات المصابين بالإيدز وقد يكون المصاب متزوجاً ويمارس الشذوذ الجنسي أو يكون متزوجاً ويتناول المخدرات أو يكون متزوجاً ويمارس الزنا أو يكون –وهذا نادر- أحد ضحايا نقل الدم أو محتوياته، وبما أن الفيروس المسبب للمرض ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي فإن زوجات المصابين تظهر عليهن في الغالب أعراض المرض) . (١) فالمعاشرة الجنسية بين سليم ومريض وسيلة من وسائل نقل المرض المتفق عليها بين الأطباء، وحيث إن الأمر كما ذكر فما هو حكم الشريعة الإسلامية بشأن زوجين أصيب أحدهما بهذا المرض الخطير؟ هل يحكم ببقاء السليم مع المريض مهما كانت الحياة صعبة والنفرة موجودة والخوف والترقب والقلق يسود حياة الأسرة، أو أن في الأحكام الشرعية ما يجعل للسليم مخرجاً من هذا الحرج والمشقة؟ التي تصبح الحياة معها جحيماً لا يطاق، وسجناً الموت العاجل فيه أيسر من الحياة؟

الجواب على هذا السؤال سيكون باستعراض ما ذكره العلماء من اختلاف في حكم التفريق للأمراض المعدية والمنفرة التي عرفت في زمانهم، وهل يمكن تخريج موضوع البحث على ما ذكروه أو لا؟

يوجد اختلاف واضح في التفريق بسبب الأمراض المعدية التي يعتبر الإيدز أخطرها على الإطلاق، فالجذام والسل والبرص، أمراض لها علاج أو بطيئة الانتقال أو خطورتها وحدتها أسهل مما نحن فيه.

وبعد استعراض آراء الفقهاء في الأمراض المعروفة عندهم وجدت أنها تنقسم إلى ثلاثة مذاهب في الجملة: (٢)


(١) محمد البار ومحمد صافي، الإيدز ص ٧٠؛ وانظر كمال رفعت، قصة الإيدز ص ٢٢، ومقابلات أجريتها مع كثير من الأطباء في جامعة أم القرى وقسم الطب الوقائي بوزارة الصحة
(٢) هذا المطلب ملخص من رسالتي –التفريق بين الزوجين بحكم القاضي- وقد خرجت موضوع البحث – مرض الإيدز- على ما كتبته سابقا مع إضافات قليلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>