للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهب أبو حنيفة وأبو يوسف إلى حصرها في عدد معين (١) لا يتجاوزه إلى غيره، وذهب محمد إلى عدم الحصر، جاء في تبيين الحقائق:

(وقال محمد رحمه الله: ترد المرأة إذا كان بالرجل عيب فاحش بحيث لا تطيق المقام معه لأنها تعذر عليها الوصول إلى حقها لمعنى فيه فصار كالجب والعنة) (٢)

وذكر (أن الخيار في العيوب الخمسة إنما ثبت لدفع الضرر عن المرأة وهذه العيوب في إلحاق الضرر بها فوق تلك لأنها من الأمراض المعدية عادة، فلما ثبت الخيار بتلك فلأن يثبت بهذه أولى) (٣)

وحيث إن بعض نصوص الحنفية يظهر بينها تعارض في إثبات الخيار للمرأة، ومن ذلك ما جاء في فتح القدير (الحاصل أنه ليس لواحد من الزوجين خيار فسخ النكاح بعيب في الآخر كائناً من كان عند أبي حنيفة وأبي يوسف) (٤) فقد وضح السرخسي أن المراد بإثبات الفرقة للمرأة هو إزالة الضرر بالطلاق، لأنه يلزم الزوج الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان والتسريح طلاق (٥)

أدلة الحنفية:

١- عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)) (٦) وفي إمساكها مع خشية تعدي المرض إليها أضرار نفسية وخوف وقلق قد تصبح الحياة معه جحيماً لا يطاق كما أن فيه ضرراً إذا أصيبت بالمرض.

٢- قال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] ، وإمساكها مع خوفها من انتقال المرض إليها وترقبها لهذا الخطر إمساك بدون معروف فوجب التسريح بالإحسان.

٣- فوات المقصود بالعقد يثبت للعاقد حق رفع العقد من أصله وهنا قد فات المقصد من عقد النكاح وانسد عليها الباب من غيره فوجب ثبوت الفرقة (٧) ولاشك أن إمساكها مع الخوف من انتقال العدوى إذا أصيب أحد الزوجين يؤدي إلى فوات أهم المقاصد التي شرع لها النكاح وهي الألفة والرحمة والإحصان فوجب التسريح بإحسان.


(١) الكاساني، بدائع الصنائع: ٣/ ١٥٣٦، وابن الهمام، فتح القدير: ٣/ ٢٦٦
(٢) الزيلعي، تبيين الحقائق: ٣/ ٣٥
(٣) الكاساني بدائع الصنائع: ٣/ ١٥٣٧
(٤) ابن الهمام، فتح القدير: ٣/ ٢٦٧، وانظر ابن عابدين حاشية رد المحتار: ٣/ ٥٠١
(٥) السرخسي، المبسوط: ٥/ ٩٧
(٦) الصنعاني: سبل السلام: ٣/ ٨٤
(٧) السرخسي، المبسوط: ٥/ ١٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>