للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يفرق الحنابلة والشافعية رضي الله عنهم بين العيوب والأمراض الموجودة قبل العقد والحادثة بعده، أما المالكية والإمامية فقد خالفوا في العيوب الحادثة بعد العقد فجعلوا للمرأة طلب الفرقة لأنها لا تملك الطلاق، أما الرجل فقالوا: إنه قادر على التخلص منها بالطلاق فإن شاء طلق وإن شاء أمسك (١)

جاء في حاشية الدسوقي: (العيوب المشتركة إن كانت قبل العقد كان لكل من الزوجين رد صاحبه به، وإن وجدت بعد العقد كان للزوجة أن ترد به الزوج، دون الزوج فليس له أن يرد الزوجة، لأنه قادر على مفارقتها بالطلاق إن تضرر؛ لأن الطلاق بيده بخلاف المرأة فلذا ثبت لها الخيار) (٢)

وفرق الإمامية بين العيوب والأمراض الموجودة قبل العقد والحادثة بعد العقد وقبل الدخول فالراجح عدم الفسخ، وأما الحادثة بعد الدخول فلا رد.

جاء في شرائع الإسلام: (العيوب الحادثة للمرأة قبل العقد مبيحة للفسخ وما يتجدد بعد العقد والوطء لا يفسخ به، وفي المتجدد بعد العقد وقبل الدخول تردد أظهره أنه لا يبيح الفسخ تمسكاً بمقتضى العقد السليم عن معارض) .

أدلة الجمهور:

استدل الجمهور بعدة أدلة من القرآن والسنة والآثار:

١- قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: ٢٢٩] .

وإمساكها مع خوفها وترقبها وقلقها من المرض بعيد كل البعد عن الإمساك بالمعروف فوجب التسريح بإحسان.

٢- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم كما تفر من الأسد)) (٣)

فالحديث يدل على الفرار من المجذوم، وفرار أحد الزوجين منه لا يكون إلا بالتفريق.

فالجذام منصوص عليه لأنه معد، فما كان أكثر في العدوى وأسرع في الانتقال –أولى في الحكم - فالنبي صلى الله عليه وسلم لما علم أن في وفد ثقيف رجلاً مجذوماً، أرسل إليه: ((إنا قد بايعناك فارجع)) (٤) فكيف لم يسمح الرسول صلى الله عليه وسلم بدخوله على الناس ويجبر أحد الزوجين بالبقاء معه، وهكذا كل مرض معد لا علاج منه في مدة يتضرر الزوج الآخر بسبب انتظاره تضرراً يفوق مصلحة المريض أو يخشى تعديه إلى السليم.


(١) انظر البهوتي، كشاف القناع: ٥/ ١١١؛ والشربيني، مغني المحتاج: ٣/ ٢٠٣
(٢) الدسوقي، حاشيته على الشرح الكبير: ٢/ ٢٤٨
(٣) البخاري، الصحيح: ٧/ ١٦٤
(٤) مسلم، الصحيح: ٤/ ١٧٥٢

<<  <  ج: ص:  >  >>