للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- عن عمر رضي الله عنه قال: ((أيما امرأة غر بها رجل، بها جنون أو جذام أو برص؛ فلها مهرها بما أصاب منها، وصداق الرجل على من غره)) : وفي لفظ: ((قضى عمر في البرصاء والجذماء والمجنونة إذا دخل بها فرق بينهما والصداق لها بمسيسه إياها وهو له على وليها)) ، قال الشوكاني: (قال الحافظ في حديث عمر: (رجاله ثقات)) (١)

٤- عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ((أربع لا يجزن في بيع ولا نكاح: المجنونة والمجذومة والبرصاء والعفلاء)) (٢)

٥- روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((قضى أيما امرأة نكحت وبها شيء من هذا الداء فلم يعلم حتى مسها فلها مهرها بما استحل من فرجها ويغرم وليها لزوجها مثل مهرها)) (٣)

٦- الأمراض التي يخشى تعدي أذاها كالجذام والسل والإيدز وغيرها سبب للشقاء والنفرة بين الزوجين حتى إن الحياة لتصبح جحيماً لا يطاق، وفي بقاء أحد الزوجين مع الآخر تكليف ما لا يطاق وذلك من الأمور المنفية شرعاً.

مناقشة أدلة الظاهرية:

١- قولهم: (كل نكاح صح بكلمة الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فقد حرم الله تعالى بشرتها وفرجها على كل من سواه ما دامت زوجته ولم يفرق بينهما إلا بنص يجيز ذلك) . يناقش بأن التفريق بهذه العيوب دفع لضرر وإزالة لظلم، وحد ومنع من انتشار الأمراض المعدية وإذا فرق بينهما جازت لمن سواه.)

وأما قولهم: (إن من فرق بينهما بغير قرآن وسنة ثابتة) فقد دخل في صفة الذين ذمهم الله بقوله: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: ١٠٢] .

فيرد بأن الآية نزلت في السحرة وما يفرقون به بين الزوجين من السحر والشعوذة لعداوة أو غير ذلك، وليس المراد منها التفريق لسبب يوجبه دفعاً لضرر أصاب أحد الزوجين، والقرآن والسنة قد دلا بعموم نصوصهما على رفع الضرر والظلم، والسنة قد دلت على مفارقة المريض والمعيب ومن يخشى ضرره وتعدى أذاه كما ورد في حديث الأمر بالفرار من المجذوم، وكما في منعه صلى الله عليه وسلم الممرض أن يورد على المصح والعكس، لما في ذلك من خشية انتشار المرض، وكما نهى من كان في بلد فيه طاعون عن الخروج منه أو كان خارجاً عنه عن الدخول إليه، ولاشك أنه لا يمكن الفرار من المجذوم ومن مرض معد كالإيدز إلا بالتفريق.


(١) الشوكاني، نيل الأوطار: ٦/١٧٧
(٢) البيهقي، السنن الكبرى: ٧/٢١٥
(٣) البيهقي، السنن الكبرى: ٧/٢١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>