فإن قالوا: نحن نمكنه من الفرار بالطلاق، قيل: كيف تمكنونه من الفرار بالطلاق ولا تمكنونها لأنها لا تملك الطلاق، والحديث وغيره لم يفرق في طلب القرار بين الزوجين بل أمر بالفرار جميع أفراد المجتمع؟
٢- وأما قول ابن مسعود:(لا ترد حرة بعيب) فهو قول خالف فيه أقوال غيره من الصحابة وقضاءهم فقد روي عنهم: (أربع لا يجزن في بيع ولا نكاح ... إلخ) ، وأما قول ابن حزم:(إنما هو النكاح كما أمر الله به سبحانه إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فيناقش ويرد عليه بأن الإمساك مع وجود الأذى والضرر على الزوج الآخر من الأمراض المعدية المنفرة ليس من الإمساك بمعروف فيتعين التسريح بإحسان.
ومرض الإيدز أخطر الأمراض المعدية فلا علاج له، كما أن انتقاله أسرع من مرض الجذام وغيره؛ فلذلك وجب التفريق بسببه.
مناقشة أدلة الحنفية:
أعطى الحنفية حق الرد بعيب للمرأة دون الرجل وهذا وجهه ضعيف فمع أن الزوج يملك الطلاق كما قالوا إلا أن تفريق القاضي يترتب عليه آثار أخر فيرد المهر إن كان قبل الدخول وللمرأة المهر بعد الدخول ويعود به الزوج على من غره بمريضة معيبة، وإذا أعطيت المرأة الحق دون الرجل كان ذلك سبباً لضياع ماله فيجتمع على الزوج ضياع ماله وفوات زوجته، والشريعة كما جاءت بحفظ الدين والنفس جاءت آمرة بحفظ المال، حتى كان حفظ المال من الضروريات التي اتفق الأديان على حفظها؛ فكيف يقال: إن الزوج لما ملك الطلاق لا حق له في طلب التفريق وينسى ماله الذي أنفقه على هذه المرأة المعيبة المريضة بمرض يخشى تعديه إليه.