للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحيث إن هذا المرض لم يكتشف له علاج بعد كما أخبر الأطباء الثقات والمنظمات الدولية للصحة العالمية بجميع هيئاتها ومؤسساتها فلا بد من إعطاء حق الفرقة للزوجين منعاً وحداً لانتشار هذا الوباء الذي لم تشهد له البشرية مثيلاً في طرق انتقاله.

وأما قول الحنفية: إن المرأة ترد الرجل بعيوب محصورة، فيقال بأن الأدلة التي ذكروها معقولة المعنى يجب تعميمها إذا وجدت المعاني التي شرعت لأجلها في أمر آخر أخذاً بقياس المعنى وقياس الأولى اللذين يعتبر الحنفية من أوسع المذاهب قولاً بهما، ولذا لزمهم إعطاء حق الفرقة بسبب كل مرض وجد فيه المعنى الذي نصوا على الفرقة لأجله أو كان أولى منه كما في موضوع البحث – مرض الإيدز - أو غيره من الأمراض المعدية الأخرى.

مناقشة أدلة الجمهور:

ورد على أدلة الجمهور عدة اعتراضات نوجزها فيما يلي:

١- قيل في حديث ((فر من المجذوم)) : نحن نمكنه من الفرار ولكن بالطلاق لا بالفسخ وليس في الحديث تعيين طريق الاجتناب والفرار. (١)

ويمكن أن يجاب عن هذا بأنهم حصروا الفرار حيث جعلوه حقاً للرجل بالطلاق وفي ذلك أضرار مادية تترتب على الطلاق غير التي تترتب على فسخ القاضي، فالمهر إذا طلق الرجل ذهب عليه، والشريعة لا تقر الضرر في المال كما أنها لا تقره على النفس والعرض والدين.

٢- قالوا: إن في الرواية الواردة عن عمر: (أيما امرأة غر بها رجل بها جنون أو جذام ... ) ، لا يصح في ذلك شيء عن أحد من الصحابة فالرواية عن عمر وعلي منقطعة. (٢)

ويرد هذا الاعتراض بأن ما روي عن عمر ورد من طرق كثيرة غير الطريق الذي ذكروه.

فالطرق يقوي بعضها بعضاً علماً بأنه لم يكن في أحدها ما يوجب الضعف، قال الشوكاني: قال الحافظ في حديث عمر: (ورجاله ثقات) . (٣)

وأما قولهم: (لو صح لكان لا حجة فيه؛ لأنه لا حجة في قول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيرد عليه بأن هذا قول أحد الخلفاء الراشدين المهديين وأقوالهم سنة يجب العمل بها كما أن التفريق من القاضي تتعلق به حقوق الآدميين، وعمر قال ذلك في محضر من الصحابة ولم ينكر عليه فصار إجماعاً.)


(١) الكاساني، بدائع الصنائع: ٣/١٥٣٨
(٢) ابن حزم، المحلى: ١١/٣٦٦
(٣) نيل الأوطار: ٦/١٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>