للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تحدث ابن عابدين في الحاشية عن الأفيون ونقل ما ذكره داود الأنطاكي في تذكرته فقال: (١)

(الأفيون: هو عصارة الخشخاش يكرب ويسقط الشهوتين (أي شهوة الجماع وشهوة الطعام وهو حق) إذا تمودي عليه، ويقتل إلى درهمين (الدرهم وحدة وزن تساوي ٣.٢ جم) ، ومتى زاد أكله على أربعة أيام ولاءً (أي متتالية) اعتاده (أي صار مدمناً له) ، بحيث يفضي تركه إلى موته (قد يؤدي سحب الأفيون فجأة إلى الوفاة، وهو أمر نادر بالنسبة للأفيون ولكنه غير نادر بالنسبة للهيروين والمورفين المشتقة منه والأقوى منه بعشرات المرات) ؛ لأنه يخرق الأغشية خروقاً لا يسدها غيره (هكذا توهم الأقدمون بسبب ما يحدثه تركه من قيء وإسهال شديدين)

وقد سئل ابن حجر المكي الهيتمي عمن ابتلي بأكل نحو الأفيون وصار إن لم يأكل منه هلك، فأجاب بالإباحة بل بالوجوب كما تقدم معنا، ولكن لابد له من تنقيصه شيئاً فشيئاً، وهي نظرة عميقة صحيحة حيث إن مداواة المدمن تكون بتقليل الجرعة واستخدام دواء أقل تسبيباً في الإدمان.

وقد أباح أغلب الفقهاء استعمال الأفيون في التداوي بالقدر الذي لا يذهب العقل، وحرموا استخدامه للهو وجعلوا فيه التعزير.

وعدد ابن حجر الهيتمي المكي في كتابه الزواجر مضار الأفيون بعد أن ذكر مضار الحشيشة، وقد أصاب عندما قال: إن الأفيون أشد ضرراً منها. (٢)


(١) حاشية ابن عابدين، ٥/ ٣٠٤- ٣٠٥
(٢) الزواجر لابن حجر المكي الهيتمي ١/ ٢١٤- ٢١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>