للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله عليه السلام: ((فمن زاد أو استزاد)) يعم كل زيادة؛ لأنه فعل وقع في سياق الشرط، والفعل من قبيل النكرة؛ لأنه يتضمن مصدراً نكرة، والنكرة في سياق الشرط تعم على ما تقرر في صيغ العموم.

والنقود الورقية أثمان قائمة مقام الذهب والفضة، فالزيادة فيها أخذاً أو إعطاءً تعاطٍ للربا المحرم.

ومما يزيد الأمر تأكيداً أن الشريعة لم تقف عند حد تحريم الربا الصريح، بل سدت كل الذرائع المؤدية إليه، واعتبرت الجهل بالتساوي محرماً في بيع الربويات ببعضها كالعلم بالتفاضل فيها، فقد روى الإمام مسلم والنسائي عن جابر رضي الله عنه قال: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من الثمر لا يعلم كيلها بالكيل المسمى من التمر)) (١)

وروى الشيخان عن سهل بن أبي حثمة قال: ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر بالتمر، وقال: ذلك الربا، تلك المزابنة)) (٢)

وبناء على هذا فإن ربط الأجور بالمستوى العام للأسعار غير جائز سواء أتم الربط عند التعاقد، أم بعد مدة؛ لأن المحذور في ذلك واحد، وهو جهالة الأجرة التي يتم تسليمها عند حلول الأجل، وإفضاء ذلك إلى الربا كما تقدم بيانه، اللهم إلا أن يفرق بين تضمن العقد من بدايته شرط الربط الفاسد كما في الصورة الأولى، وهل يؤدي ذلك إلى فساد العقد أم أن العقد صحيح والشرط باطل؟ على ما هو الخلاف المعروف عند العلماء في هذا (٣) وبين أن يتم العقد بدون شرط الربط، ثم يلحق به هذا الشرط كما في الثانية، فالعقد صحيح والشرط باطل.


(١) الشوكاني: نيل الأوطار ٥/٢٢١
(٢) الشوكاني: نيل الأوطار ٥/٢٢٦
(٣) انظر في مسألة الشروط الفاسدة التي تبطل العقد، والتي تبطل هي في نفسها ويبقى العقد صحيحاً، الكاساني: بدائع الصنائع ٥/١٦٨-١٧٠؛ الخرشي: شرح مختصر خليل ٤/٣٢٨؛ الحطاب: شرح مختصر خليل ٥/٦١-٦٣؛ الشربيني: مغني المحتاج ٢/٣٠-٣٤؛ البهوتي: كشاف القناع ٣/١٩٣-١٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>