للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالنسبة للدخل الحقيقي (سواء في شكل ربح أو أجر) والذي يعرف بأنه كمية السلع والخدمات التي يمكن الحصول عليها من إنفاق دخل نقدي معين، فإنه يتدهور بطبيعة الحال مع تدهور القيمة الحقيقية أو القوة الشرائية للعملة النقدية، هذه بديهية لا تحتاج إلى برهنة طالما قلنا: (دخل نقدي معين) ، أي ثابت، وفي الواقع فإن الدخل النقدي لبعض الأفراد أو الفئات يبقى ثابتاً بينما يتغير بالنسبة للبعض الآخر، ويمكن في حالة التغير أن نميز بين ثلاث حالات:

١- يرتفع الدخل النقدي بنفس نسبة الارتفاع في المستوى العام للأسعار فيظل الدخل الحقيقي ثابتاً.

٢- يرتفع الدخل النقدي بنسبة أكبر من نسبة الارتفاع في المستوى العام للأسعار فيرتفع الدخل الحقيقي.

٣- يرتفع الدخل النقدي بنسبة أقل من نسبة الارتفاع في المستوى العام للأسعار فينخفض الدخل الحقيقي، وهكذا فإن الدخل الحقيقي لأي فرد (أو لأي فئة من الفئات) سوف يتدهور خلال التضخم في حالتين: إذا بقي الدخل النقدي ثابتاً، أو إذا زاد ولكن بنسبة أقل من نسبة الارتفاع في المستوى العام للأسعار.

والملاحظات التي خرج بها الاقتصاديون بشأن تطور الأجور الحقيقية للعمال في ظل التضخم أخذت من البلدان الصناعية المتقدمة، وسنذكرها أولاً في سبيل عرض بعض الأبعاد الهامة للموضوع ولتحصيل الفائدة العلمية، وبعد ذلك نتناول الوضع الخاص بالبلدان النامية والتي ينبغي أن تنال اهتمامنا ليس فقط لأنها تمثل ثلثي سكان العالم، بل أيضاً لأن جميع بلداننا الإسلامية تصنف من ضمنها، إن الملاحظات الخاصة بالبلدان الصناعية المتقدمة تدل على أن الطبقة العاملة بينما حصلت فقط على أجور الكفاف حتى منتصف القرن التاسع عشر، تمكنت بعد ذلك تدريجياً من رفع أجورها الحقيقية، تارة بمناسبة ارتفاع الأسعار، وتارة بمناسبة الارتفاع المحقق في الإنتاجية العمالية، وقد كان نمو الاتحادات العمالية وراء هذا التطور الذي أدى إلى إعادة توزيع الدخل القومي في صالح الطبقة العاملة، ففي بريطانيا مثلاً ارتفع نصيب الأجور من ٤٠ % إلى نحو ٦٠ % خلال مئة عام انقضت بين ستينات القرن الماضي وستينات القرن الحالي، ولقد ارتبطت الزيادة في الأجور وفي نصيب العمال في الدخل بقضية (العدالة) إلا أن (قضية العدالة) في المجتمعات الغربية كانت ومازالت قضية نسبية.

<<  <  ج: ص:  >  >>