للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- ٢- مقياس التضخم: (١) رغم ما يبدو من بساطة وسهولة التعرف على مقياس التضخم، وذلك من خلال التعريفين المذكورين. حيث لا يخرج مقياسه عن أن يكون المستوى العام للأسعار من حيث ما يعتريه من ارتفاعات. أو القوة الشرائية للنقود من حيث ما يعتريها من انخفاضات.

رغم هذه البساطة الظاهرية فإن المسألة أعقد من ذلك بكثير، لاعتبارات عديدة، منها: مفهوم المستوى العام للأسعار، وكيفية التعرف عليه وتحديده، وطبيعة الارتفاعات في هذا المستوى، وهل يدخل كل ارتفاع وإن قل؟ وطبيعة ومدى استمرارية هذه الارتفاعات، وهل هناك مدى زمني مقبول لهذه الاستمرارية؟ ثم طبيعة هذه الأسعار التي نتعامل معها، وهل هي الأسعار الحرة أو الأسعار الإدارية، إلى غير ذلك من العوامل التي تجعل من التعرف العلمي الدقيق على ظاهرة التضخم وتحديدها أمراً قد يكون بالغ الصعوبة بالرغم من أن الإحساس العادي بها من أقوى ما يكون ومن أيسر ما يكون. فليس هناك إنسان مهما كانت درجة ثقافته لا يشعر ولا يحس بوقع التضخم إذا ما كان موجوداً. ومع ذلك فإذا ما أخذنا هذا الشعور العادي وحاولنا أن نخضعه للدراسة العلمية فإن المسألة تغدو على غير ما كانت عليه من السهولة والبساطة.

ولعل من المفيد هنا أن نشير إلى أن الفكر الاقتصادي والإحصائي لم يقف عاجزاً إزاء هذه المسألة، بل قدم المزيد من المحاولات وما زال يعدل ويطور فيها. لقد ابتكر في ذلك ما يعرف بالأرقام القياسية للأسعار. ومهما حاولنا في هذه الورقة أن نتناول هذه الأرقام فإن من عنده معرفة سابقة بها لن يزيده القول هنا معرفة على معرفته، ومن ليست عنده معرفة سابقة فلن يكتسب معرفة ذات بال مما نقوله عنها هنا. لذا فإننا نكتفي بالإشارة إلى أهم أنواعها. وهي ثلاثة: الرقم القياسي لأسعار المستهلك، وهو يتعامل مع حزمة من السلع والخدمات الاستهلاكية ذات المواصفات الخاصة؛ والرقم القياسي لأسعار المنتج، وهو يتعامل مع حزمة من السلع والخدمات الإنتاجية؛ والرقم القياسي المعروف بمكمش الناتج القومي الإجمالي، وهو يتعامل مع كل المنتجات النهائية التي تم إنتاجها في المجتمع في فترة ما، والذي نحب أن نؤكد عليه هنا بخصوص هذه الأرقام أنها وخاصة منها الأولان لا تعبر بصدق كبير عن التضخم القائم، كما أنها صعبة التطبيق والاستخدام، وليست متاحة في أي وقت وفي كل الدول. وهي في حاجة إلى تعديل وتطوير مستمر. (٢)


(١) د. مصطفى رشدي: الاقتصاد النقدي والمصرفي، بيروت – الدار الجامعية للطباعة والنشر، ١٩٨١ (ص ٥٥٦) وما بعدها؛ د. نبيل الروبي، مرجع سابق.
(٢) ابدجمان. مرجع سابق. ص ٣٦٣ وما بعدها، كروين. مرجع سابق. ص ٢٢؛ د. محمد زكي شافعي: مقدمة في النقود والبنوك، دار النهضة العربية، القاهرة، (ص ٦٢) وما بعدها؛ د. صقر أحمد صقر: النظرية الاقتصادية الكلية، الكويت – وكالة المطبوعات، ١٩٧٧م، ص ٥٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>