للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- الاقتصاد الإسلامي ومشكلة التضخم

في هذه الفقرة نهتم بالإجابة على سؤال مهم هو: هل يتعرض الاقتصاد الإسلامي لمشكلة التضخم؟ وللإجابة على هذا التساؤل نجد من المهم التمييز بين:

١- الظروف العادية والظروف غير العادية.

٢- الاقتصاد الإسلامي كمبادئ وقوانين وسياسات، والاقتصاد الإسلامي كهياكل اقتصادية عاشت على أرض المجتمع الإسلامي. ومن ثم أخذت وصف (الإسلامي) من هذه الكينونة الواقعية.

فيما يتعلق بالمسألة الأولى فلا أظن أن أحدا يجادل في إمكانية تعرض الاقتصاد الإسلامي –حتى من منظور المبادئ والسياسات- للتضخم في ظل الظروف غير العادية مثل الحروب والكوارث الطبيعية والجفاف.. إلخ، من كل ما يسبب نقصاً طبيعياً حاداً في العرض، ومن ثم يتولد التضخم، وأرى أن خير مثال لذلك ما حدث في عام الرمادة في زمن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

أما في ظل الظروف العادية فيمكننا القول بثقة كبيرة: إن الاقتصاد الإسلامي كمبادئ وسياسات لا يتعرض لمشكلة التضخم، خاصة منه ما كان ذا مصدر داخلي شريطة توفر أمرين على الأقل هما التطبيق الفعلي والحقيقي لمبادئ الاقتصاد الإسلامي، وكذلك أن يكون الاقتصاد الإسلامي كواقع على درجة من القوة تمكنه من تحصين نفسه إلى حد كبير ضد التضخم المستورد. (١)

وفيما يتعلق بالمسألة الثانية فإن الاقتصادي الإسلامي كواقع عاش على أرض المجتمع الإسلامي عبر العصور المختلفة، ومن ثم ولهذا السبب وحده اكتسب هذه الصفة، إما أن يتمشى هذا الواقع مع المبادئ والأسس أو يخرج عليها، في الحالة الأولى ينطبق عليه ما قيل في المسألة الأولى، وفي الحالة الثانية فإن شأنه شأن الاقتصاد الوضعي تماماً بتمام.


(١) د. شوقي دنيا: النظرية الاقتصادية من منظور إسلامي، مكتبة الخريجي، الرياض، (ص ٢٩٨ وما بعدها) ؛ د. أحمد الحسيني: تطور النقود في ضوء الشريعة الإسلامية، جدة، دار المدني، ١٤١٠ هـ (ص ٤٤ وما بعدها)

<<  <  ج: ص:  >  >>