للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: لا نسلم بأن كلام الفقهاء في هذا الموضوع انحصر في الفلوس ولم يشمل النقود، فقد نقل ابن عابدين ما هنالك من خلاف في هذا المذهب حول شمول كلام علماء المذهب للنقود الذهبية والفضية أو عدم شموله. وفي ذلك يقول: (ورأيت في حاشية الشيخ خير الدين الرملي على البحر عند قوله: وحكم الدراهم كذلك. أقول: يريد به الدراهم التي لا يغلب غشها كما هو ظاهر، فعلى هذا لا يختص هذا الحكم بغالب الغش ولا بالفلوس) لكنه في كتاب آخر له أشار إلى أن الكثير من الفقهاء لا يدخلون النقود الذهبية والفضية تحت حكم فلوس في هذا الشأن. (١) وإذن فالمسألة عند الأحناف خلافية.

وعند المالكية نجد النص الصريح على أن ما جرى من كلام حول تغير سعر الفلوس وأثره لا يقف عند الفلوس بل يتعداها إلى النقود الذهبية والفضية، يقول الحطاب: (تنبيه: لا خصوصية في الفلوس بل الحكم كذلك في الدنانير والدراهم، كما أشار إليه في كتاب الصرف من المدونة، وصرح به في التلقين والجلاب وغيرهما، قال في التلقين: ومن باع بنقد أو اقترض ثم بطل التعامل به لم يكن عليه غيره إن وجد، وإلا فقيمته إن فقد. وقال في الجلاب: ومن اقترض دنانير أو دراهم أو فلوساً أو باع بها وهي سكة معروفة ثم غير السلطان السكة بغيرها، فإنما عليه مثل السكة التي قبضها ولزمته يوم العقد) . (٢)

وكذلك الحال عند الشافعية فقد نص السيوطي على ذلك بقوله عقب الكلام على تغير سعر الفلوس أو كسادها: (فإن وقع مثل ذلك في الفضة بأن اقترض منه أنصافاً بالوزن ثم نودي عليها بأنقص أو بأزيد أو بالعدد، أو اقترض عدداً ثم نودي عليها بالوزن فلا يخفى قياسه على ما ذكر في الفلوس) . (٣)


(١) لمعرفة مفصلة يراجع: حاشية ابن عابدين، دار الفكر، بيروت، ٤/٥٣٣ وما بعدها؛ رسائل ابن عابدين، دار إحياء التراث، بيروت: ٢/٦٢ وما بعدها
(٢) الحطاب: مواهب الجليل، دار الفكر، بيروت: ٤/٣٤٠
(٣) السيوطي: الحاوي، دار الكتب العلمية، بيروت: ١/٩٧

<<  <  ج: ص:  >  >>