للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفهوم المستوى العام للأسعار: إن السلع والخدمات (المنافع) التي يتم تداولها في مجتمع ما تعد بالألوف، وكثيراً ما نحتاج إلى معرفة التغير الذي طرأ على أسعار طائفة كبيرة من السلع (أو كلها أحياناً) ، وليس على سعر سلعة أو سلع محددة، فنسأل عما إذا كانت الأسعار عموماً في بلد معين قد ارتفعت أو انخفضت، أي أننا نسأل عن المستوى العام للأسعار، هل ارتفع أو انخفض عما كان عليه، وأحياناً نحتاج إلى مقارنة بلدة بأخرى في آن واحد، هل الأسعار على وجه العموم في إحداهما هي أعلى منها في البلدة الأخرى؟ ففي هذه الحالات نحن نسأل عن المتوسط العام للأسعار، لنقارنه بين فترتين زمنيتين أو فترات في بلد واحد، أو في الفترة نفسها بين بلدين مختلفين، وسنرى بعد قليل أن من الممكن قياس هذا المتوسط العام للأسعار.

إن النقود، ونرمز لها في هذا البحث بالدراهم، تصلح لشراء أية سلعة أو خدمة، فإن ارتفع سعر سلعة ما فإن الوحدة من النقود (ولتكن الدرهم الواحد مثلاً) تشتري لنا كمية أقل من السابق من تلك السلعة، فإذا ارتفعت أسعار سائر السلع والخدمات، فإن الدرهم الواحد سيشتري كمية أقل من أية سلعة أو خدمة، أي أن قوته الشرائية عموماً قد انخفضت، وبعبارة عامة: إن المتوسط العام للأسعار يعني ارتفاعه: انخفاض القوة الشرائية للنقود، ويعني انخفاضه: ازدياد تلك القوة الشرائية، وهذه العبارة صحيحة بصرف النظر عن أسباب ارتفاع الأسعار أو انخفاضها.

لننتقل الآن إلى معنى التضخم، إنه ببساطة التصاعد في المستوى العام للأسعار فترة بعد فترة، فالتضخم مفهوم يرتبط بحركة متوسط الأسعار، فإذا كانت حركة متصاعدة فهذا هو التضخم، وهو بهذا يؤدي إلى تناقص مطرد في القوة الشرائية للنقود، ولو سألنا عن أسعار عدد كبير من السلع في بلد فظهر لنا أنها أعلى بكثير من أسعار نظيرها في بلدنا، لا يصح أن نقول: إن ذلك البلد الآخر يعاني من التضخم؛ لأن التضخم ليس مجرد كون الأسعار مرتفعة في وقت معين، بل هو ارتفاعها آناً بعد آن عما كانت عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>