ثالثاً: ويعني الربط الكامل للأجور بالأسعار أن يتفق منذ بداية العقد على أن يزداد الأجر النقدي الأساسي في كل سنة لاحقة بنسبة الزيادة العامة في الأسعار، حسب مؤشر عام للأسعار تقيسه وتعلنه جهة رسمية متخصصة مستقلة عن طرفي العقد، ويعني الربط عملياً تمكين الأجير من شراء نفس الكمية من سلع وخدمات محددة موصوفة، ولو تغيرت أسعارها خلال سريان عقد العمل، نتيجة التضخم.
رابعاً: والربط يمكن أن يؤدي إلى جهالة كبيرة في مقدار الأجر النقدي المستحق بالعقد لفترة مقبلة، لكن ثمة اعتبارات شرعية تبرر أن تغتفر هذه الجهالة، وأهم هذه الاعتبارات:
أ- إن ذلك أقرب إلى العدل بين الطرفين في عقد العمل.
ب- إن من الجائز شرعاً الاتفاق على أجر غير نقدي يتكون من سلة من سلع وخدمات محددة موصوفة، وهذا قريب جداً من ربط الأجور بالأسعار.
خامساً: في ضوء ما سبق يبدو من المناسب القول بأن ربط الأجور بالأسعار مباح، بشرط أن يعلم الطرفان بحقيقة المؤشر العام للأسعار الذي يتفق على اعتماده.
سادساً: إن الآثار الاقتصادية العامة لربط الأجور بالأسعار بعضها نافع وبعضها ضار، وكثير منها غير متفق عليه بين الاقتصاديين، وهي على العموم لا تكفي سنداً لمنع ما دلت الأحكام التفصيلية على إباحته، وبوسع ولي الأمر في أي بلد، إذا تبين له، بأدلة معتبرة، أن لربط الأجور آثاراً ضارة راجحة، أن يقيد هذا المباح أو يمنع منه مؤقتاً بحسب قواعد السياسة الشرعية.