ووجه الاختلاف بين سلة من السلع والخدمات محددة بالعقد، والسلة التي يبنى عليها المؤشر المذكور؛ هو أن سلة المؤشر تضم عادة عشرات، وأحياناً مئات من السلع والخدمات (١) وهي معلنة لمن يشاء معرفتها بالتفصيل، فيمكن أن يتراضى طرفا العقد على اعتمادها وربط الأجر بها، لكن كثرتها تحول عملياً دون أن يطالب الأجير باستيفائها عيناً بكمياتها الموصوفة لو شاء، أي تحول دون تطبيق صورة السؤال الأول (أجر غير نقدي مع خيار القيمة للعامل) ، لأن هذا الخيار، وإن نص عليه العقد، غير قابل للتطبيق عملياً فهو خيار صوري لا ينبغي أن يعتد به فقهاً.
فلا يبقى والحالة هذه إلا الصورة المبينة في السؤال الثاني (أجر غير نقدي مع الإلزام بالقيمة) ، فمن المناسب لمن يصححها فقهاً أن يصحح أيضاً صورتها العامة التي لا تختلف عنها عملياً إلا في كثرة السلع والخدمات الموصوفة في سلة الأجر.
٨ - خلاصة ونتيجة
أولاً: إن المستوى العام لأسعار السلع والخدمات في المجتمع يمكن قياسه رقمياً بعدد من الطرق المنضبطة والمتفق عليها فنياً.
ثانياً: والتضخم هو التصاعد المطرد للأسعار عموماً خلال فترة زمنية، وهو يعني –مهما كانت أسبابه- تناقص القوة الشرائية للنقود، وقد صار التضخم –بدرجات مختلفة- شائعاً في كل دول العالم تقريباً منذ أكثر من نصف قرن، وبسببه ظهرت فكرة ربط الأجور النقدية بمؤشر عام للأسعار، ليعوض تناقص القوة الشرائية للأجور النقدية بسبب التضخم.
(١) تضم سلة مؤشر تكاليف المعيشة في الولايات المتحدة أسعار نيف وأربعمائة سلعة وخدمة، (نيتر مع وسرمان، ص ٦٧٢) لكن العدد أقل من ذلك في بلدان أخرى وبخاصة النامية منها