للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١- ٢- مقترحات لمعالجة المشكلة: (١)

لقد حثت الشريعة على حسن القضاء، وأمرت بأداء الأمانات والديون إلى أصحابها ومنعت المماطلة في تسديد الديون، إلا أن يكون المدين معسراً عاجزاً عن الوفاء، أما المليء القادر فقد وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله المماطلة بالظلم؛ فقد قال عليه الصلاة والسلام: ((مطل الغني ظلم)) (٢) وعنه صلى الله عليه وسلم ((لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)) كما أباحت أنواعاً من العقوبات التي يمكن أن توقع على المليء المماطل.

إن مبدأ معاقبة المدين المليء المماطل هي بلا شك مبدأ مقبول في الشريعة، وبينما أجازت الشريعة الإجراءات التي تعاقب المذنب وتردع أمثاله، فقد منعت التعويض المالي للدائن عما يلحقه من ضرر متمثل في فوات فرص الاستثمار والربح (٣) ومعلوم أن الفوائد التأخيرية التي تحسبها البنوك التقليدية على المدين المماطل تشبه العقوبات التي أقرتها الشريعة في أوجه وتختلف عنها في أوجه أخرى، فهي تشبهها من حيث إنها عقاب للمدين المماطل، وأنها رادع لمن تسول له نفسه المماطلة في تسديد الدين، وتختلف عنها في أنها أي الغرامات التأخيرية تعويض للدائن وهو أمر ممنوع في الشريعة وتختلف عنها في أنها لا تأخذ باعتبارها ملاءة المدين أو إعساره.

وتدل الخبرة المصرفية قديماً وحديثاً على ضرورة وجود عنصر العقاب والردع؛ إذ بدون ذلك تضيع الحقوق وتضيع الالتزامات، وجلي ما يؤيد إليه ذلك من الفوضى وعدم الاستقرار في المعاملات المالية ومن التظالم بين الناس.


(١) انظر بحثنا مع (د. أنس الزرقا) في مجلة جامعة الملك عبد العزيز: الاقتصاد الإسلامي مجلد ٣/ ١٤١١هـ بعنوان: التعويض عن ضرر المماطلة في الدين في الشريعة والاقتصاد
(٢) رواه الشيخان
(٣) ولعل مما يلفت النظر أن أول استخدام لتحريم الربا عند المسيحيين كان اجتهاد المصلح الديني المشهور عندهم المسمى كالفن عندما أجاز للدائن هذه الزيادة فصارت البنوك تقرض بدون اشتراط الفائدة لمدة قصيرة ثم تفرض الغرامات التي تؤول إلى ذلك، انظر كتابنا: حوار موضوعي حول الفوائد المصرفية في الشريعة والاقتصاد، جدة، دار حافظ، ١٤١٠ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>