للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يزيد الأمر تعقيداً أن مثل تلك العمليات لا تظهر لأطرافها بهذا الوضوح؛ لأن البنوك الدولية ومؤسسات الوساطة تتولى بنفسها دقائق الأمور المتعلقة بهذه المضاربات، فلا يظهر للمستثمر إلا أنه يشتري عملة ألمانيا اليوم فيقبض ما اشترى ويدفع ثمنه حالاً، ويبيع اليوم أيضاً عملة ألمانيا التي اشترى ولكن على أن تسلم إلى المشتري بعد تسعين يوماً أو ستة أشهر أو أقل أو أكثر.

وقد بدا لمن قال بجواز مثل هذه المعاملات أن المرحلة الثانية (أي بيع عملة ألمانيا في المستقبل) هي مواعدة يتأجل فيها البدلان، ولكنها غير ملزمة، والواقع خلاف ذلك؛ فإن المستثمر عند شرائه لعملة ألمانيا لا يقبضها إلا بأن تسجل في حساب مصرفي باسمه، وليس له حرية التصرف فيها، فهو حساب مجمد طوال مدة العقد، ويترتب على ذلك أن الإلزام لم يعد له معنى؛ لأن البائع لم يزل مسلطاً على تلك النقود ومتأكداً من وفاء المستثمر بوعده (إن جاز أن نسميه وعداً) ؛ لأن أمواله تحت يده، فهي إذن ليست مواعدة غير ملزمة يتأجل فيها البدلان، بل هي عملية صرف تأجل فيها بدل واحد فهي غير جائزة، ولا وجه للقول بغير ذلك؛ لأن البنوك الدولية التي تقوم بهذه العمليات لابد أن تحتفظ بأموال المستثمر خلال هذه الفترة حتى تحقق لنفسها أسعار الفائدة الألمانية التي هي مربط الفرس في العملية المذكورة.

الدكتور محمد القري بن عيد

<<  <  ج: ص:  >  >>