للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- مشكلة الاستثمار في العملات الأجنبية:

يعد الاستثمار في العملات الأجنبية، لاسيما عملات الدول الصناعية القوية، أحد أهم مجالات الاستثمار التي تجني منها البنوك التقليدية عائدات ضخمة، والمتصور –من الناحية النظرية- أن الغرض من عمليات بيع وشراء العملات هو تسهيل التبادل التجاري الذي هو مبعث الحاجة إلى العملات الأجنبية، لكن الواقع هو أن التحويلات المالية البحتة (أي التي لا تكون لغرض تمويل التجارة) هي أضعاف أضعاف قيمة السلع المتبادلة عبر الحدود بين الدول، لقد صار للصرف أسواق عالمية عظيمة، وصار بحد ذاته نشاطاً مالياً له مؤسساته، والمتخصصون فيه، وأضحى اختلاف أسعار العملات وتقلباتها مصدراً للدخل ومورداً لعائد استثماري.

والصرف من النشاطات التي عرفها المسلمون منذ القدم، وقد كان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل بالصرف، ثم جاءت الشريعة لتبين قواعد الصرف وشروط صحته وصيغه المقبولة وحدود التعامل فيه، فجعلت التقابض شرطاً في صحة الصرف ومنعت تأجيل أحد البدلين أو المواعدة عليه بوعود ملزمة يتأجل فيها البدلان، وبينما جاءت أحكام الصرف في الشريعة الإسلامية منصبة على الدرهم والدينار، والذهب والفضة؛ لأن تلك كانت هي عملاتهم في ذلك الزمن، كان إجماع علماء العصر الحاضر على تنزيل هذه الأحكام على العملات الورقية، واعتبار كل عملة جنساً مستقلاً، فالدولار جنس والريال جنس والجنيه جنس.. إلخ، وينطبق على تبادل جنس مع جنس ما ينطبق على تبادل الدرهم والدينار من أحكام شرعية.

٧- ١- وصف المشكلة:

إن المشكلة الأساسية التي تواجهها البنوك الإسلامية في مجالات الاستثمار في الصرف هو أن أكثر الأرباح التي تتحقق في هذا النشاط إنما هي في معاملات لا يتوفر فيها شروط الصحة الشرعية؛ ذلك أن الباعث على أكثر نشاط الاستثمار في العملات هو اختلاف معدلات الفائدة بين البلدان، لاسيما البلدان الصناعية، فإذا كانت أسعار الفائدة في ألمانيا مثلاً أعلى منها في الولايات المتحدة، اتجه المستثمرون إلى نقل أموالهم إلى الأولى للاستفادة من ذلك، ولكنهم لن يحققوا ما توقعوا من عائدات إذا تغير سعر الصرف عندما يقومون بإعادة أموالهم إلى موطنها الأصلي، بل ربما يخسرون خسائر فادحة بسبب ذلك التغير، ولذلك احتاجوا حتى تكون عمليتهم تلك مربحة ومجدية إلى إلغاء هذه المخاطرة بعملية صرف مؤجلة، فيبيعون اليوم ما اشتروا من عملة ألمانيا مع تأجيل التسليم إلى وقت إعادتهم أموالهم إلى أمريكا، ثم يحسبون ما سوف يحصلون عليه من فائدة ثابتة في ألمانيا ويحسبون سعر بيعهم لعملة ألمانيا في التاريخ المستقبلي، فإذا وجدوا أنه لا يزال هناك ربح، أي أنهم سيحققون عائداً يزيد على أسعار الفائدة في أمريكا خلال تلك الفترة؛ أقدموا على العملية المذكورة.. وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>