أ- إن جزءاً لا يستهان به من حاجة الحكومة إلى التمويل هو لأغراض إنشائية، مثل بناء الجسور والطرق وإنشاء المدارس والمستشفيات.. إلخ، ويقدم عقد الاستصناع صيغة قابلة للنهوض بحاجة الحكومة إذا أمكن أن تتضمن تلك الصيغة الصفات التالية:
- أن يكون عقداً لازماً للطرفين منذ الابتداء.
- أن يجوز للمستصنع دفع الثمن مقسطاً بعد التسليم.
- أن يشتري الصانع السلعة من السوق أو يستصنع سواه.
- أن يلزم الصانع الأول (البنك) الصانع الثاني (أي الصانع من الباطن) بنفس الضمانات التي قدمها إلى المستصنع من ناحية الجودة والصيانة ... إلخ
فإذا تحقق ذلك استطاعت هذه البنوك تقديم صيغة قابلة للتنفيذ وصالحة لتمويل حاجة الحكومة إلى المنشآت كالطرق والمدارس والمستشفيات.
- وبرغم أن الحكومات تتصور دائماً أن حاجتها إلى التمويل لا يطفئها إلا الحصول على المال على صفة القرض، فإن جزءاً من هذه الحاجة هو لغرض شراء الآلات والمعدات والسيارات والأجهزة.. إلخ، وكل ذلك قابل أن يمول بواسطة بيع المرابحة للآمر بالشراء، ولكن قوانين المناقصات الحكومية في أكثر البلدان لا تأخذ باعتبارها إمكانية دخول البنوك كمورد لتلك السلع، ولا إمكانية دفع الحكومة الثمن مقسطاً بدلاً من الاقتراض للتسديد، ومن هنا كان ضرورياً السعي نحو تعديل تلك القوانين لتسمح بما ذكر.
ج- ولعل العقبة الكأداء التي تحول دون دخول البنوك الإسلامية كممول للحكومة هو التخوف من المماطلة، فبينما يمكن للبنوك التقليدية بيع ديون الحكومة لاسيما إن كانت على صفة سندات قابلة للتداول، ليس ذلك للبنوك الإسلامية، فلا غرابة أن نجد الأولى تُقدم بلا تردد على إقراض الحكومة بينما تحجم الثانية عن ذلك، ويصرف النظر عن صيغة التمويل، ففي كل مرة يتعلق الدين بذمة الحكومة من البيع، يواجه البنك الإسلامي هذه المشكلة.
إن الحل الممكن لهذه المشكلة يتمثل في ضرورة ربط تسديد الدين المذكور بمصدر دخل حكومي محدد، فمثلاً تصدر الحكومة للبنك البائع سندات لأجل (كمبيالات) مقبولة لدى شركة البترول الحكومية، فإذا تأخرت وزارة المالية في تسديد أقساط الدين قام البنك فوراً بالحصول على قيمة تلك الكمبيالة من الشركة المذكورة إما نقداً أو بما يقابلها من البترول، ويمكن أن تكون تلك شركة لإنتاج القمح أو النحاس أو الفوسفات أو أي سلعة قابلة للبيع أو نشاط يولد دخلاً مستمراً لتلك الشركة.